صابون الأسد وأحمد الكوسا – معن البياري

Article  •  Publié sur Souria Houria le 11 janvier 2013

مساءَ تنحّي حسني مبارك (أَو تخليه عن منصبِه، بحسب عمر سليمان)، ربطت الفضائيةُ السوريةُ نفسها مع قناة الجزيرة، لتبثَّ أَفراح المصريين في ميدان التحرير وفي شوارع القاهرة والإسكندرية. ليلتَها أَطنبت الفضائية المذكورة في مديح الربيع العربي الذي أَزاح مبارك وزين العابدين بن علي. تقفز تلك الواقعة إِلى الخاطر، ساعةَ نسمع بشار الأَسد يسبُّ الربيع العربي بأَنه فقاعةُ صابون ستختفي، وكان قد اعتبر، في مقابلةٍ مع قناةٍ روسية، ما سماها “أَكاذيب” بشأنه فقاعاتِ صابونٍ قصيرة العمر. وتجازف هذه السطور، وتنعتُ الربيع العربي، (تسميتُه هذه مستعارة من أَوساط غربية)، بأَنه سيكون صابوناً، إِذا لم يُتوِّج أَزهارَه بتحرير سوريا من نظام بشار الأسد. يُشار إِلى هذا الأَمر، هنا، مع التسليمِ بأَنَّه ليس لائقاً أَنْ يُشغل المرءُ نفسَه بخراريف هذا الرجل هذه، فيما التمويتُ لم ينقطع ساعة كان، في دار الأوبرا في دمشق، يبثُّ أَوهامه المعلومة. وكان من ضحايا ذلك النهار برصاصِ أَنصار شبيحة الأَسد أَربعةُ فلسطينيين في مخيم اليرموك، وفي اليوم التالي، أَنهت رصاصة قناصٍ عميل لمخابراتِه حياة البهي، أَحمد الكوسا ( 23 عاما)، الذي آثر البقاءَ في المخيم المحاصر، والنشاطَ في عون من تبقّوا فيه. جاءته رصاصةُ المجرم في لحظةٍ جلب فيها مواد تموينيةً لبعض أَهل المخيم.

يُعرِّفنا الصديق ماجد كيالي بصديقِه الكوسا، وينقلُ عن صفحته في “فيسبوك” كتابتَه “مشكلة مخيم اليرموك بتنحلّ لما بتنحلّ مشكلة حمص وداريا ودرعا وإِدلب وحماة”. ونحدسُ أَنَّ هذا الوعي الناضج، هو ما جعل رصاص أَنصار الأَسد يستهدفُ هذا الشاب، الفتحاوي بحسب عارفيه، ليلتحقَ ب 851 شهيداً فلسطينياً، قضوا في محدلة التمويت والتشبيح السورية منذ بداية الثورة حتى آخر أيام 2012، منهم 422 في دمشق و179 في ريفها و31 في حمص و37 في حلب و93 في درعا. ومهمٌّ أَنْ تُحفظَ أَسماءُ كل هؤلاء الشهداء، إِلى جانب أَسماء كل الشهداء السوريين في هذه الثورة، لأَن بشار في واحدةٍ من فقاعاتِ صابونِه الجديدة، توهَّمَ أَنَّ ثمةَ من غير أَتباعِه بين الفلسطينيين من يشتري ثرثرتَه عن المقاومة، وتوهم أَن ثمة من يصدِّق خرافيته عن الفلسطينيين في بلدِه مواطنون سوريون يدافعون عن وطنهم الثاني، بالمنطقِ الذي صفَّق له مستمعوه، لما أَطربَهم في إِتيانه على من احتضنتهم سورية، ثم “انتهزوا الفرصة المناسبة للهروب، لأنهم تعاملوا مع البلد كفندق فاخر”.

واضحٌ أَنه دار في خلد الأَسد أَنه كان على قيادة حركة حماس، المستضافة في دمشق، أَنْ تُسارع إِلى مباركةِ الرصاص الذي استهدفَ أَطفال درعا، ثم طاف في عموم القطر، وحين لم تفعل، فإنها خانت وفاءَ الضيافة. بمثلِ هذه العقلية النفعية، يتعامل آل الأسد مع الفلسطينيين وقادتهم، يريدونهم كما ميشال سماحة، وإِلا فإِن سورية ليست فندقاً، وهذه عبارة عبد الحليم خدام، أَبلغها إِلى جورج حبش ونايف حواتمة وأَحمد جبريل، ساعة مشاركة دمشق في مفاوضات مدريد، طالباً منهم مناصرتَها في ساحة الوغى في العاصمة الإسبانية. ومؤكد أن حكاية الفندق الفاخر السمجة تلك لم تأت على بال أحمد الكوسا، حين انحاز إلى ناسه، وانقطع إلى غوثهم وإسعافهم. ومرجحٌ أَنه لما استمعَ إلى خطبةِ دار الأوبرا لم تُضحكه المسرحيةُ فيها، لأَنه، لم يلتحق يوماً بعصاباتٍ فلسطينية عميلة، تلهج باسم الأَسد، لا بوطنٍ أَول أَو ثانٍ.

http://www.addustour.com/