عقلية الدكاكين السورية – مانيا الخطيب

Article  •  Publié sur Souria Houria le 12 janvier 2017

عقلية الدكاكين السورية

عملية كسر نماذج العمل النمظية التي اعتاد البشر على اتباعها أمر يحتاج إلى الكثير من المثابرة والصبر والمتابعة وعدم الاستسلام، مهما كانت الظروف والعقبات التي تبدو في مفاصل عديدة لا تطاق نهائياً، بل وفي بعض الحالات تشكل خطر على الحياة لجهة الاصطدام بأشخاص قد يؤدي تأسيس نموذج العمل الجديد والمطلوب والمناسب والفعال، إلى تقويض وجودهم من أساسه وما يتبع له من أمور مصلحية سواء كانت مادية أم معنوية.
رغم أنني أفهم أن الناس الذين لا يصنفون أنهم نخب، لديهم تجاوب غريزي لعقلية الدكاكين، حيث أنه ينظر إليها أن تجلب الربح السريع، وربما الجاه السريع، فيصبح فخوراً رافع الرأس بين أبناء جلدته الذي أكثر ما يهمه، أن لا يعتبروه فاشلاً أو هامشياً، لذلك فعندما يرى أن دكان جاره نجح فلا بد أن دكانه أيضاً سينجح أوتوماتيكياً ..
لكن أن تكون نفس العقيلة السورية متبعة، عندما نخوض حرباً وجودية شنها نظام متوحش مدعوم بقوة عسكرية وسياسية من حلفاء صادقين معه مهما كلف الثمن .. فهذا ما يحتم علينا مواجهة صارمة وقاسية مع أنفسنا.
مرض الدكاكين السوري، هو من أدخل ثورة الكرامة السورية في هذه المتاهة التي أعتبرها مؤقتة لأنه في النهاية هذا الدرس الدموي الفظيع الذي يدفعه أهالي سورية من دماء أبنائهم وأرزاقهم لا يمكن إلا أن يؤسس إلى فجر جديد.
ليست برأيي مشكلة خطيرة أن تكون هذه العقلية في مجال المجتمع المدني، إذا كانت المنظمات والجمعيات لا تسعى إلى تدمير بعضها، لأنه في النهاية سوف تلتقي دروبهم بشكل أو بآخر.
ولكن أن تسود لسنوات دامية نفس هذه العقلية في التشكيلات العسكرية والسياسية السورية فهو ما رفع ضريبة الدماء السورية إلى حدود مرعبة .. وهو نفسه ما يشكل الضمان لعدم تكرار ما حدث، بسبب كارثية النتائج، وبسبب أن من سيستلم زمام الأمور من شباب سورية الذين لا بد أن يعود الدور لهم، لن تكون عندهم نفس الآليات.
الأطفال الذين ولدوا في بداية الثورة صاروا على وشك الدخول إلى المرحلة الابتدائية، والشباب الذين عبروا البحار ليصلوا إلى شواطئ اللجوء، نسبة منهم بدأت بتشكيل تجاربها الطازجة بعيداً تماما عن هذه الدوامة ..
الزمن يمر، وسيخرج من بين هذه الكوادر السورية الشابة التي تنمو وتشكل تجربتها بعيداً عن مستنقع الماضي من لن يرض بما إلا بما يليق بسورية مهد الحضارات حيث لا ديكتاتورية عسكرية دموية مافيوية، ولا تنظيمات تكفيرية متطرفة
بل دولة وطنية سورية تحترم أهلها وناسها وأجيالها القادمة، أما الآلية فهذا ما ستجيب عليه مراحل تبلور هذه الكوادر.

مانيا الخطيب
هلسنكي 11.1.2017