على أعتاب ذكرى انتصار 1967 – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 3 juin 2013

لا بد أنهم الإسلاميون الرجعيون هم من عبثوا بتاريخنا وذاكرتنا، فجعلوا نتيجة حرب العام 1967 « نكسة »! وهي التي كانت في حقيقتها، كما أخبرنا القوميون يومها، نصراً مؤزراً.
صحيح تماماً أنه في تلك الحرب احتلت إسرائيل القدس والضفة الغربية، وشبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة، ومرتفعات الجولان. لكن، وكما يذكر حتماً القوميون الذين عايشوا تلك الحرب وصانوا ذاكرتهم في مواجهة مد الرجعيين المتسلحين بأموال النفط؛ وكما يعرف أيضاً القارئون للتاريخ الذي نجا من التحريف والتزوير، فإن الهدف الحقيقي الفعلي لحرب 1967، إنما كان إسقاط الأنظمة « التقدمية ». وإذ لم يتحقق هذا الهدف أبداً، فقد كان النصر حليفنا في الواقع، بل وتمكنا في ستة أيام فقط من دحر العدوان الإسرائيلي وإفشال مؤامرته الإمبريالية الصهيو-أميركية!
فقدس الأقداس، بكل ما فيها؛ المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة وكنيسة القيامة، ناهيك عن باقي مدن الضفة الغربية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان، وصحراء سيناء، هذه كلها ماذا تعني أمام خطبة عصماء يلقيها الزعيم الخالد « أبو خالد » جمال عبدالناصر؟! وبالمناسبة، فإن هذه الصفة لا يشاركه فيها إلا الزعيم « الخالد » لكوريا الشمالية؛ كيم إل سونغ، الذي أسس دولة ورّثها لابنه فحفيده، وصارت قوة نووية، لكن لا يكاد يعرف « مواطنوها! » شيئاً عن العالم، أو يعرف هذا العالم عنهم شيئاً، إلى حد أن تقديرات أعداد ضحايا المجاعة التي ضربتها منتصف التسعينيات تتراوح بين ربع مليون إنسان فقط لا غير، وثلاثة ملايين ونصف المليون إنسان على أقصى تقدير!
الآن، وقد أزيح الغبار الثقيل عن التاريخ فرجع إلى نقائه، وأعيد لرواية النصر الحقيقية اعتبارها، فإنه يمكن لنا فهم موقف القوميين المؤيد للخراب والدم المراق في سورية لأكثر من سنتين، والصمت قبل ذلك عقوداً على آلاف المعتقلين والمفقودين والمهجرين.
فكما كان الجولان ثمناً ليس ذا بال بالنسبة للقوميين لقاء بقاء نظام البعث في العام 1967، فإن مقتل ثمانين ألف سوري على الأقل، وتشريد وتهجير أكثر من 5 ملايين آخرين في بلدهم وفي دول الجوار، وتدمير البلد حجراً على حجر، ومعه تدمير الجيش واستنزافه في حرب أهلية ضد الشعب، وبعث كل الأحقاد الدينية والطائفية والمذهبية.. هذه كلها ليست هي المؤامرة التي تجب مجابهتها. المؤامرة الفعلية هي فقط السعي إلى إسقاط نظام بشار الأسد. ولذلك، فإن المبادرة « القومية » الوحيدة التي قدمت على امتداد أكثر من عامين، ليس إلا دعم الاستبداد الذي أوصل سورية إلى الدمار، لكنه حمى وما يزال يحمي قيادتها! وطالما أن الأسد بخير، فلتذهب كل سورية؛ بشراً وأرضا، حاضراً ومستقبلاً وتاريخاً، إلى الجحيم.
يبقى التذكير بجزء من التاريخ المغيب لحرب 1967، وهو أن الأردن كان من نبّه المصريين إلى بدء العدوان الإسرائيلي؛ إذ كانوا أغلقوا راداراتهم حماية لرجل واحد هو عبدالحكيم عامر! كما كان الأردن أيضا هو الجبهة الوحيدة التي انطلقت منها النيران باتجاه جيش الاحتلال؛ فهل يذكر القوميون التقدميون أين كان يصنف الأردن آنذاك؟!

http://alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/33062/%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B1-1967.html