على ذلك أوقع – محمد أبو رمان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 4 avril 2014

على ذلك أوقع – محمد أبو رمان

في مقابل حالة التسطيح والاختزال التي تسود لدى نخبة واسعة من المثقفين والسياسيين العرب في قراءة صعود تنظيم « داعش »، هناك نخبة من المثقفين والمفكرين والإعلاميين تقدّم خطاباً على قدر من الإدراك والإحاطة والفهم، يتوافر على قراءة معمّقة تغوص إلى أعماق الأزمة الراهنة، لتربط الأسباب والشروط بالنتائج والتداعيات. وخلاصة ما يريدون قوله، وعليه أوقع، أنّ « داعش » ليس مؤامرة خارجية، بل هو ابن شرعي لتخلفنا والاستبداد والفساد لدينا، كما لأزماتنا المجتمعية والسياسية والفكرية والثقافية.
أكتفي هنا باقتباس نصّين جميلين لكاتبين كبيرين؛ بلال فضل وغسان شربل..

« يظن السيسي أنه يمكن لمصر أن تفلت في ظل حكمه من تبعات كل هذا الظلم لمجرد أنه قام بتحويل شعار « مش أحسن ما نبقى زي سورية والعراق وليبيا » إلى منهج حكم، من دون أن ينتبه إلى أن ما يفعله مرؤوسوه في سلطات القضاء والأمن والإعلام هو بحذافيره ما كان يفعله حكام سورية والعراق وليبيا الذين لم يكن يخطر على بال أحد فيهم خلال سنوات طويلة من تحقيق السيطرة بالقمع وفرض الأمن بالبطش، أنهم مع كل قرار ظالم وكل تصرف باطش يعجلون بالذهاب ببلادهم إلى التهلكة التي عندما تحل ببلد لا تستثني الظالم من المظلوم والقامع من المقموع والداعش من المدعوش. ولو كان حكام سورية وليبيا قد اتعظوا بما جرى لحكام العراق من قبل ولو أدركوا جميعا أن « الطغاة شرط الغزاة » وأن الاستبداد هو الراعي الرسمي للفوضى، لما جرى لهم ولشعوبهم ما جرى من مأساة نعيدها بحذافيرها للأسف، ليصدق فينا ما جاء في الأمثال « علِّم في المتبلِّم يصبح ناسي.. وطرمخ على الظلم الفاحش تلبس داعش ».
بلال فضل- السيسي الراعي الرسمي لداعش في مصر

***
« نحن شعوب فاشلة، وخرائط فاشلة، وحكومات عاجزة، وبرلمانات للتصفيق والتهريج. نحن جيوش تلتهم الوطن والمواطنين في زمن السلم وتفشل في الدفاع عن الخريطة في زمن الحرب. جيوش تمضي عمرها في تهديد العدو لكنها لا تنهال إلا على مواطنيها.
أشمُّ رائحة الفشل، في بغداد، ودمشق، وبيروت، وصنعاء، وطرابلس. فشل الجيوش الكبيرة والجيوش الرديفة. أشم رائحة الميليشيات والارتكابات. أسمع قرقعة عظام الدساتير والأحزاب الكرتونية الشرهة. أشمُّ رائحة التعصب، وسدود الكراهية التي تتحيَّن الفرص لتبوح بمكنوناتها.
نحن أيتام وعراة.
فشلنا في العراق، وفي سورية، وفي ليبيا، وفي كل مكان. الفشل العربي صارخ. ومثله فشل الدول الإقليمية الكبرى التي توهمت أن موسم القطاف قد حان. ليس لدينا من نلجأ إليه. قطع الفشل رأس الجامعة العربية. قطع رأس مجلس الأمن.
لم تبدأ المأساة مع « داعش ». بدأت قبله بفعل سياسات الاستبداد والإقصاء والتهميش والفساد. بدأت مع التزوير الممنهج للإرادات والمؤسسات. مع السياسات الفئوية والأحلام الانقلابية. مع انتصار نهج الشراهة على نهج الشراكة داخل الدول وعلى مستوى الإقليم. بدأت مع احتقار حقوق المواطن والإنسان والقوانين الدولية والحدود الدولية. مع إنكار حق الآخر في الاختلاف. مع تزوير الكتب والدراسات والانتخابات والإحصاءات.
ما أقسى أن يقول لك رجل يعرف، أن مصير المنطقة معلّق على قرار سيد البيت الأبيض. وأن الوقت يدهم. نبتهج بطرد الأميركيين ثم نتوسل تدخلهم. نعلّق عيوننا على برنامج أوباما ونناشده: تَدَخَّل قبل أن ننقرض ».
غسان شربل- قبل أن ننقرض