عن الحكم بالمراسيم التي يمكن أن تبدل بنفس اليوم – عبدالحي السيد

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 août 2011
par Abdulhay Sayed, lundi 22 août 2011, 10:50

سمعت البارحة درساً في الحقوق الدستورية يقول من جملة أمور أخرى: « المسؤول الذي يصدر أو يقترح القانون أو المرسوم يجب أن يناقشه مع المستويات الأدنى في المؤسسة التي ستقوم بتطبيق القانون.. وهذا لم يكن يحصل سابقا والآن بدأنا بتطبيقه.. والدائرة الثانية هي محاورة الجهات المستفيدة أو المتضررة من هذا القانون.. فلا يمكن أن تصدر قانونا من دون أن تناقش كل الشرائح حول نتائج أو تداعيات هذا القانون.. أيضا بدأنا به.. وكلما وسعنا دائرة الحوار بالنسبة لإصدار القوانين خففنا من الأخطاء.. ولكن سنستمر بإصدار القوانين ولدينا مرونة لكي نبدل بالقانون والتعليمات التنفيذية.. فهي ليست كتبا منزلة.. والقوانين تبدل ربما في نفس اليوم ولا عيب في ذلك. »

المسؤول من علياءه يصدر المراسيم، وقد يناقش مع مجلس شعب من لونه، ويمكنه أن يغير ويبدل ويلغي كيفما يشاء وفي نفس اليوم.

أكتفي، وأترك المجال لمناقشات مجلس النواب السوري تاريخ 19/1/1950. كان المجلس منعقداً بصفة جمعية تأسيسية. وكان يجري التداول على دستور مؤقت، بعد انقلاب سامي الحناوي. وكانت تبحث الجمعية التأسيسية في دور رئيس الجمهورية، وإمكانية منح السلطة التنفيذية صلاحية التشريع بالمراسيم. أقر أعضاء الجمعية الدستور المؤقت ومن ثم الدستور الدائم الذي منع على السلطة التنفيذية أن يكون لها سلطة التشريع. المادة 59: لايجوز لمجلس النواب أن يتخلى عن سلطته في التشريع. كان حاضراً كبار النواب ومن بينهم من كان حقوقياً، كناظم قدسي ورزق الله انطاكي ومنير العجلاني وعبد الوهاب حومد. هذا بعض مما قاله منير العجلاني حول التخلي عن صلاحية التشريع للسلطة التنفيذية: « سمي هذا المشروع مشروع تنظيم، و التنظيم معناه أن يعاد كل شيء إلى النظام و نحن رجال درسنا الحقوق و درَسناه و نعلم أن في الدولة ثلاث سلطات: سلطة التشريع، و سلطة التنفيذ، و سلطة القضاء و نعلم أن النظام طبيعي و أن سلطة التشريع للمجلس, سلطة التنفيذ للحكومة، و سلطة القضاء للمحاكم، فمشروع التنظيم يجب أن يعيد كل حق إلى صاحبه فالتشريع للمجلس لا للحكومة فإذا أعطي للحكومة فمعنى ذلك – أقولها لولا التقى- تهديم التنظيم…و الآن أعود إلى ما سميته تهديم التنظيم إلى هذه المادة الثالثة التي يطلب منا فيها أن نتخلى عن سلطة التشريع فالعادة أن مثل هذا العمل يكون عقداً بين شريكين فالحكومة تعلم من هم النواب و لكن النواب لا يعلمون من هي هذه الحكومة التي تريد هذه الصلاحيات و تريد منا هذا التخلي عنها، و نحن في فجر حياتنا كما قلت فلا نريد أن نقدم إلى الحكومة في فجر حياتنا هدية  أو أمانة قد تنوء بحملها، إذا كان أخذنا للسلطة التشريعية يسمى من جانبها استئثاراً فهي يا سادتي يعد من جانبنا انتحاراً. و إذا كانت تريد أن نعطيها هذا السلطان فإن إعطاءها هذا السلطان يعني أنها تريد من كل واحد منا أن يخرج إلى الطريق و قد حنى رأسه من الذل…لأن عمل هذا المجلس هو التشريع أي أن المجلس له جسم و له روح فالتشريع هو روحه فإذا ذهبت روحه خرج إلى الطريق كالجثث البالية و الناس يتساءلون ماذا بقي من الكرامة للجسم الذي تحمله إذا كانت مسؤولية التشريع التي ألقتها الأمة على عاتقك قد تخليت عنها فماذا بقي لك؟… نحن لا نعطيها هذا السلطان لأنه ليس في العالم من مجلس أعطى الحكومة هذا السلطان، قد تأخذ الديكتاتوريات بالقوة مثل هذا السلطان أما النظم الديموقراطية في البلدان التي يختار لها رئيس الدولة رئيس الوزراء فلا تستطيع أبداً أن تستأثر بهذا السلطان… قد أذكر أن فرنسا منحت بعض حكوماتها سلطة التشريع أو على الأصح سلطة اصدار المراسيم مراسيم تشريعية، و لكن ما معنى مراسيم تشريعية؟ إنها شذوذ و استثناء… »

الجريدة الرسمية، مذكرات مجلس النواب، السنة 32، العدد 3، 19/1/1950، ص. 25، 26

أحب أن أذكر أعضاء المجلس الكريم بأنه لا يزال في هذه البلاد موضع يسمى (المزة) و هو يعادل (الباستيل) في فرنسا سابقاً، و لما ثارت فرنسا و تحررت اتجه الجمهور إلى (الباستيل) و حطمه ليحطم بذلك الحكم الاستبدادي الذي كان قائما أنذاك في فرنسا و يحطم كل أثر من أثاره…

الجريدة الرسمية، الجلسة 11، 1/2/1950، عدد 12، 2/3/1950، ص. 129