عن خوف المسيحيين من التغيير – حامد الحمود

Article  •  Publié sur Souria Houria le 26 novembre 2011

لقد ولّد تصريح البطريرك الماروني بشارة الراعي المتعاطف ضمناً مع النظام السوري في ايلول الماضي صدمة لكثير من المسيحيين اللبنانيين، الذين استغربوا أن يأتي هذا التصريح من الصرح المسيحي الماروني الأعلى في لبنان، الذي عانى 29 سنة من الاحتلال السوري. لكن وإن اختلفنا مع البطريرك – إن كنا مسلمين أو مسيحيين، علينا أن نتفهمه. وتفهمه لا يعني حمل الهموم نفسها، لكن أن نبحث في الأسباب التي أدت إلى حملها، وأن نتمنى أن يستعد الشعب السوري على مستوى الأفراد والجماعات، وكل وفق قدراته وإمكاناته، بأن لا تتحول هموم البطريرك حقائق ناتجة من التغيير السياسي في سوريا. فالبطريرك الراعي كان يخشى على مستقبل المسيحيين في المنطقة، متأثرا بما حل بالمسيحيين في العراق
والبطريرك الماروني لم يكن المرجع المسيحي الوحيد الذي يحمل هذه الهموم. فزيارة بطريرك موسكو وسائر روسيا الأسبوع الماضي لدمشق وبيروت، وفي هذه الظروف، ما هو إلا تعبير عن أن الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية تشارك الكنيسة المارونية الغربية همومها. لكن البطريرك الروسي وفي عظته التي وجهها للمسلمين والمسيحيين في سوريا، لم يظهر تعاطفا مع النظام السوري
فبعد أن ذكر بأن سوريا هي الأرض التي مشى عليها القديس بولس، خاطب الجمع قائلا « نطلب من الله أن يجمعنا مع إخواننا في الإسلام في المحبة، لأن هذه الشعوب في هذه المنطقة العريقة تملك الديانات التقليدية العريقة. لقد تشاركنا عبر التاريخ في الحزن والفرح، وصلاتنا اليوم هي أن تزدهر سوريا، وأن تزدهر العلاقة بين مسلميها ومسيحييها ». وإشارة البطريرك إلى أن سوريا هي الأرض التي مشى عليها القديس بولس، تذكرنا بأهمية سوريا للمسيحيين في كل العالم. فالدور الذي لعبه القديس بولس، كان الأهم في المسيحية، بعد المسيح نفسه.  لا شك في أن التطرف وعدم الاستقرار الذي حل بالعراق بعد الغزو الأميركي تسبب بمعاناة وآلام وقتل وهجرة لملايين من العراقيين. لكن تغيير النظام بغزو هو غيره عندما يكون التغيير نتيجة لإرادة شعبية تعبر عن نفسها بتظاهرات سلمية مثلما يجري في سوريا حاليا. كما أن ضحايا الحرب على العراق عمت العراقيين بجميع طوائفهم وأديانهم
وأرى أن أكثر المتضررين من التغيير في سوريا هم أولئك السوريون من السنة المتحالفين مع النظام، والمنتفعين من مشاركات في التجارة مع عائلة الأسد وأقاربهم. كما يجب التذكير أن القيادات العليا في حزب البعث معظمها من المسلمين السنة، وليست من العلويين أو المسيحيين. لكن الاستخبارات السورية وصلت إلى عظة الأحد في الكنائس، فهي تفرض على رجال الدين المسيحيين مدح الأسد. وهذا لم يمنع من أن يكون رجال من أهم قياديي التغيير في سوريا، مثل فايز سارة، وميشال كيلو من المسيحيين.  ولعل أفضل ما نختم به موضوعنا، هو ما قاله شاب علوي مشارك في التظاهرات ضد النظام السوري لمراسل مجلة « تايم » في أيلول الماضي: « أود أن أقول لأصدقائي المسيحيين بأن لا يخافوا من التغيير في سوريا، وأن لا يفوتهم قطار الثورة، لأنه مع أن المسلمين السنة في سوريا محافظون، لكنهم غير متطرفين »

جريدة النهار – الجمعة 25 تشرين الثاني ٢٠١١

http://www.annahar.com/content.php?priority=4&table=kadaya&type=kadaya&day=Fri