فرصة التدخل في سورية – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 septembre 2012

لا يكشف إلا عما هو معروف بداهة التقرير الاستخباري الغربي حول الرحلات اليومية لطائرات إيرانية إلى سورية، محملة بمقاتلين من الحرس الثوري والأسلحة. الأمر الذي ينطبق، كذلك، على إقرار قائد الحرس الثوري، محمد الجعفري، قبل أيام، بوجود من سماهم « مستشارين » من الحرس في سورية لمساعدة نظام بشار الأسد. إذ تكفي ملاحظة الكفاءة التدميرية التي أصبح يتمتع بها جيش الأسد في مواجهة الثورة السورية بما لا يقارن بالسابق، وذلك على الرغم من الإجهاد الذي يفترض أنه أصاب هذا الجيش بعد ثمانية عشر شهراً من القتال ضد المدنيين والثوار، وأهم من ذلك بعد مقتل أربعة من كبار قادة النظام العسكريين والأمنيين في تموز (يوليو) الماضي.
ولعل عملية اغتيال هؤلاء القادة خصوصاً شكلت نقطة تحول حاسمة في الاستراتيجية الإيرانية الداعمة للأسد، بحيث لم يعد ثمة خيار غير الانخراط بشكل كامل في العمليات العسكرية ضد الثورة السورية.
لكن بقدر ما هو معروف تماماً عدم قدرة إيران على تحمل خسارة الأسد وزوال نظامه، فإنه لم يعد بالإمكان تصور قبول الولايات المتحدة باستمرار هذا النظام، طالما أن ذلك يعني حتماً نصراً لحكام طهران، تستتبعه هيمنة وسيطرة إقليمية إيرانية شبه كاملة. ومع ذلك، ففي مقابل التورط الإيراني المباشر في سورية، يبدو الموقف الأميركي حتى اللحظة ثابتاً على سياسة الإكثار من التصريحات الجوفاء، ربما بهدف التغطية على الانكفاء الأميركي الفعلي، ولاسيما من خلال رفض تزويد الثوار السوريين بالأسلحة الضرورية.
طبعاً، هناك تفسيران متداولان لسلوك إدارة الرئيس أوباما على هذا الصعيد. يتمثل الأول في اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، بما يحد من قدرة الرئيس على اتخاذ أي قرارات حاسمة، لاسيما في شأن غير حاسم انتخابياً. لكن هذا التفسير كان صالحاً إبان الحديث عن تدخل عسكري أميركي مباشر، الأمر الذي بات في حكم المؤكد أنه غير وارد أبداً لأسباب كثيرة، أهم الظاهر منها هو المعارضة الروسية-الصينية، وعدم قدرة الولايات المتحدة والدول الغربية، تالياً، على التصرف بشكل منفرد قد يهدد مصالحها المتنازع عليها مع روسيا والصين خصوصاً في أماكن أخرى من العالم بعيدة عن الشرق الأوسط. هنا يبدو التفسير الثاني المتمثل في أن من مصلحة أميركا، ومعها إسرائيل حتماً، تدمير سورية على النحو الذي يقوم به نظام الأسد منذ اندلاع الثورة. ومن ثم، يكون مفهوماً ومتوقعاً تماماً، وفق هذا الرأي، النأي الأميركي عن أي فعل مؤثر إلا بالقدر الضروري لمنع استعادة الأسد السيطرة الكاملة والفعلية على سورية.
لكن في مقابل هذين التفسيرين يظهر تفسير ثالث، ويتجسد في رغبة أميركا (ولربما حاجتها بسبب ما تعانيه من أزمة اقتصادية وتراجع دبلوماسي) في حصول التدخل (غير المباشر حتماً) في سورية عبر دول الإقليم التي تقف فعلياً على خط المواجهة المباشرة ضد نظام الأسد، والذي بات استمراره يهدد مصالحها بشكل خطير منذ الآن، فكيف في حال سحقه الثورة!
والواقع أن هذا التفسير/ السيناريو ينطوي على فرصة عربية خصوصاً، بدلاً من ترجمته –كما يوحي للوهلة الأولى- خضوعاً للضغوط أو الابتزاز الأميركيين. ويبدو ذلك في اعتبار إنهاء الأزمة السورية فرصة لتبني سياسة عربية-إقليمية واعية، تتضمن التعاون العسكري، لكنها تقوم أساساً على الإصلاح والتنمية الشاملين، مفهوماً وجغرافيا. فإذا كان الإصلاح والتنمية مطلبين للشعوب، فهما في الواقع، من خلال تكامل إقليمي، خيار الأنظمة الوحيد للتجدد والاستمرار.

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/30704/%D9%81%D8%B1%D8%B5%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%87.html