فلسطينيو اليرموك -د.أحمد جميل عزم

Article  •  Publié sur Souria Houria le 5 août 2012

مع انهمار القذائف على مخيم اليرموك في دمشق، يقع الفلسطيني في شرك التخمين، والتساؤل، والحيرة؛ وهي الحال التي عاشها مطولا ومرارا.
وقف الفلسطينيون على الحياد مما حدث في سورية. ولا يمكن إنكار وجود درجة من الحيرة، والشعور بأنّ الإعلام، سواء المؤيد للنظام أو المعارض له، يصنع الخبر ولا ينقله. وبقدر وجود قطاع واسع يدين النظام، فإنّ هناك حذرا بشأن حقيقة المعارضة وما يحدث، وخوفا من كرة الثلج الطائفية، وتدخل دول وقوى إقليمية ودولية.
خرجت « حماس » من سورية واقفة على الحياد، وصمتت إلى حد كبير الفصائل الحقيقية، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (طبعا ليس القيادة العامة)، والجبهة الديمقراطية، ولكن هذا مرفوض، فإن لم تكن ورقة بيد النظام فأنت ضده.
الآن، مع قصف مخيم اليرموك وسقوط الشهداء، يحتار الفلسطيني ويتساءل: ما الذي يحدث؟ ومن الذي يقصفه؟ تماماً كما حدث في الماضي. فجحافل التأييد للنظام السوري تتناسى قصف المخيمات الفلسطينية في لبنان قصفاً سجّاديّا؛ شبرا شبرا، أواسط الثمانينيات على يد المنشقين الممولين والمسلحين سوريّاً، والذين يتحالفون مع « أمل » اللبنانية، ويستخدمون المدافع السورية النظامية، عقابا على تأييدهم الفصائل والقيادات التي اختاروها. وإذا اعترف المؤيدون بوقائع مجازر المخيمات تلك، أو إذا ذُكّروا بذلك، حاولوا التمييز بين المنشقين وقياداتهم والفصائل المؤتمرة بالأمر السوري -وكّلها مارست الانشقاق يوماً- والنظام السوري، تماما كما يغضّون الطَرْف عن أن الكتائب اللبنانية وسمير جعجع كانوا حلفاء دمشق يوماً زمن مجازرهم ضد الفلسطينيين. إذا اضطروا لجواب السؤال عن يومٍ جُوّع فيه الفلسطيني حتى الموت، ومقاربة أكل لحم القطط والكلاب والجثث في مخيمات لبنان، بحصار فصائل النظام السوري و »أمل »، عادوا للعبة التمييز بين الفصيل والنظام.
على عكس عملاء النظام وأولئك الذين يُحاججون، يحتار البعض ويتشكك بنية طيبة، بشأن ما يحدث في سورية، وحقيقة الدخول الدولي على الخط، ويدعون إلى التمهل في الحكم على الأمور.
إذا احتار الفلسطيني في الماضي من يقصف من؟ بتعليمات من؟ وبيد من؟ فإنّه بينما يُحصي شهداءه كل يوم، يجد إعلاماً متناقضا في توجيه الاتهامات بشأن المسؤول، ويجد من يلوم الضحية كالعادة. ويُطالب بأن يصدّق أنّ من يقصفه في هذه المرة تحديدا، وعلى خلاف الماضي، ليس النظام أو فصائله الفلسطينية، بل أعداء النظام!
من يمارس انتقائية شديدة وهو يتذكر أن فصائل مقاومة استقرت في دمشق، يريد أن ينسى أن الجبهتين الشعبية والديمقراطية اضطرتا لتبني مواقف رافضة للسلوك السوري في لبنان ضد الفلسطينيين في الثمانينيات، وأنّ موقف « حماس » الآن لا يبتعد عن ذلك الموقف، من عدم إمكانية التحول إلى ورقة في يد النظام السوري.
وعلى الفلسطيني وهو يتذكر حالات الاعتقال والملاحقة والتضييق من قبل الأمن السوري، أن يواجه تهم كتّاب أنّه « يعضّ اليد التي امتدت لنصرته »، باعتبار أنه حصل على حقوق في سورية لم يحصل عليها اللاجئون في مكان آخر، مع ضرورة أن ينسى أنه حصل على هذا في وقت سابق على النظام الراهن، وأنّه إذ تمّت مساواته مع الشعب السوري في كثير من الأمور، فإنّ هذا الشعب نفسه لم يحصل على كثير من الحريات والحقوق، وعانى الفساد، وعدم فعالية الاقتصاد، وعانى الفقر والعوز والفساد. وبينما عليه في هذه اللحظة مواجهة تهمة أنّه بدلا من قتال إسرائيل يقاتل نظام الممانعة، فعليه أن ينسى أنّه كان يذهب إلى لبنان ليقاتل إسرائيل، وترسله فصائله ليقاتل عبر الأردن، وفي حالات لتقوم عناصر مضللة بعمليات داخل لبنان والأردن، بينما « الجولان » هادئ بذريعة أنّه من الحكمة من الناحية الاستراتيجية فتح كل الجبهات إلا جبهة الجولان. ويجب أن ينسى أنّ السجون السورية كغيرها ضمت عناصر وقيادات من فصائل فلسطينية غضبت منها القيادة البعثية. ويجب أن يتناسى أنّ النظام الحاكم في أي بلد يتحمل مسؤولية سلامة من فيه.
الأنكى أنّ الفلسطيني في سورية لا يجد فصيلا أو إطارا قياديا يخبره حقيقة ما يحدث، ويتدخل بفاعلية لنجدته، ولتأطير ردود فعله وحركته.
هو ذاته زمن الفلسطيني المستلب والحائر.

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/30268/%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B1%D9%85%D9%88%D9%83.html