فلسطين وفلسطينيون.. وربيع مؤامرة! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 23 novembre 2013

يلزم أنصار نظام بشار الأسد الصمت التام على معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية. فهؤلاء اللاجئون الذين كانوا أول من اتهمهم النظام بإشعال ما يسميه « إرهاباً »، باتوا اليوم لا يجدون مفراً من موت وجوع ألجأهم، مع كثير من السوريين، إلى أكل الكلاب والقطط، إلا أن يصيروا هم أنفسهم طعاماً لسمك البحر « المتجوع »، خلال مقامرة لجوء جديدة إلى أوروبا.
ربما يظن مؤيدو الأسد بذريعة تحرير فلسطين والمقاومة والممانعة، أن التغطية على تناقضهم ممكن بالزعم أن من يتحمل المسؤولية عن تجدد المعاناة الفلسطينية اليوم، ليس إلا السوريين الذين خرجوا على النظام، فكان من حق هذا الأخير إبادة الجميع. لكنه زعم يتهاوى بالعودة سنوات قليلة فقط إلى الوراء مع الاحتلال الأميركي للعراق. إذ تم يومها تنفيذ عمليات قتل وتهجير ممنهجة بحق اللاجئين الفلسطينيين هناك؛ ليس على يد المحتلين الأميركيين المعلنين، وإنما على يد المليشيا المدعومة إيرانياً. حدث ذلك في ظل صمت « قومي » مطبق أيضاً كما اليوم، مع أن إيران كانت آنذاك في ذروة تسيدها لـ »المقاومة والممانعة! »، وكانت حركة حماس، و »الجهاد الإسلامي » طبعاً، حليفتيها.
يبدو أن كثيرين، وليس إسرائيل وحدها، يحبون فلسطين إنما من دون فلسطينيين! لكن، من سيقاوم إسرائيل، ويحرر فلسطين؟
طبعاً، حتى أنصار أنظمة « المقاومة والممانعة » ملوا من انتظار توفر « الزمان والمكان الملائمين » بالنسبة لهذه الأنظمة، فمن يبقى؟ لا أحد!
« حماس » صارت اليوم بشهادة العرب من أعداء الربيع العربي، وليس بزعم الإسرائيليين وحدهم، حركة إرهاب لا مقاومة! فهي ليست إلا فرعاً من جماعة الإخوان المسلمين التي تُسوّق اليوم على أنها منبع كل إرهاب. ويمكن لإسرائيل سحب التهمة ذاتها على « كتائب شهداء الأقصى » التابعة لحركة « فتح » التي يُفترض أنها علمانية تماماً. إذ في اسم هذه الكتائب « دليل » مزدوج على الإدانة؛ « شهداء » و »أقصى »! فلا يمكن تصور حاجة إلى بذل كثير عناء لشيطنتها والبطش بها، مع كل حركة مقاومة أخرى، خدمة للعالم أجمع باستئصال الإرهاب!
هكذا يمكن تفهم مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبشديد ثقة، الفلسطينيين بالتنازل عن كل حقوقهم خلال المفاوضات الجارية؛ إذ لم يعد هناك ما يخشاه. وحتى الحنق الإسرائيلي من تحذيرات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، من انتفاضة ثالثة في حال فشل المفاوضات، ليس مبعثه إلا رفض تحمل إسرائيل أي مسؤولية عن معاناة فلسطينية يبدو أنها ستتفاقم، لاسيما وأن انتفاضة جديدة قد تغدو لاحقاً مطلباً إسرائيلياً؛ في حال ضمان تلبيتها للأهداف الاستراتيجية النهائية المحتمة، وعنوانها الأبسط: نهاية حل الدولتين حتى خطابياً، بعد أن انتهى عملياً منذ سنوات؛ مع كل ما يستتبع ذلك من نتائج خطيرة ومعروفة تماماً!
حتماً ثمة مؤامرات على العالم العربي تعيش الآن ربيع عمرها الأجمل، لكن ذلك ليس إلا بسبب قمع ربيع الشعوب العربية، وليس العكس أبداً.