فيتو مزدوج ضد وقف النزيف السوري – سمير الحجاوي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 6 octobre 2011

لم تستطع دماء 5000 سوري فقدوا أرواحهم في سورية ان تقنع روسيا والصين على التصويت لصالح قرار في مجلس الأمن لفرض عقوبات على نظام بشار الأسد، ووقف آلته العسكرية على حصد أرواح الأبرياء، وكانت لغة المصالح أعلى واشد قوة من لغة الدم والأخلاق والإنسانية، وكانت الدافع خلف ‘الفيتو الروسي الصيني المزدوج’. لم يتعذب أي شعب ثائر من شعوب الربيع العربي كما تعذب الشعب السوري، فقد ترك وحيدا دون مساندة معنوية أو أخلاقية أو معنوية من العرب ودول الجوار والمجتمع العالمي، وتم تجاهله من قبل وسائل الإعلام في البداية، ولولا وسائل الاتصال الحديثة ما سمع احد بالثورة العملاقة للشعب السوري
لم يجرم السوريون حين طالبوا بالحرية والعدالة والكرامة، فهم لم يطالبوا إلا بالإصلاح في البدايات.. طالبوا بمكافحة الفساد وإنهاء الاحتكار السياسي وإصلاح القضاء والسماح بتشكيل أحزاب سياسية وإجراء انتخابات نزيهة، فكان رد نظام بشار الأسد على هذه المطالب ‘التي للمفارقة اعتبرها شرعية’ بالرصاص والمدافع وحصار المدن وقصفها وقتل المحتجين السلميين وتدمير القرى وتشريد السوريين إلى تركيا ولبنان والأردن، فما كان من الشعب السوري إلا أن رفع سقف مطالبه لتصل إلى الدعوة ‘لإسقاط النظام’، فازدادت شراسة النظام الذي يحتكر السلطة منذ نصف قرن واعتبر
أن الحل الوحيد لإقناع الشعب أو إسكاته وإخضاعه هو ‘ الحل العسكري’ المدعوم بالشبيحة ومليشيات حزب البعث و17 جهازا امنيا نشر عسسها في كل ناحية وزقاق، مما أوصل الوضع في سورية إلى حالة من صراع الإرادات ‘بين الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والنظام الذي يعلن انه لن يتنازل عن السلطة، وان قرر منازلة الشعب حتى آخر عسكري وشبيح، وهو صراع سيؤول في النهاية إلى انتصار الشعب بلا محالة، بعد أن يتم تخريب سورية وتدميرها وقتل شبابها وإهدار ثرواتها
من الحتميات التاريخية أن الشعوب لا تتراجع إذا نزلت الى الشوارع، وهي لا تخسر أبدا، وكل الشواهد التاريخية تشير إلى أن الأنظمة الحاكمة المستبدة والدكتاتورية تخسر في النهاية مهما طال الزمن، وهذا الأمر ينطبق على سورية أيضا
مشكلة الثورة السورية المستعرة داخليا أنها محاصرة خارجيا، مما يعني أن الشعب السوري سينازل النظام البعثي وحيدا دون دعم أو سند، وان عليه أن يكسب المعركة وحيدا بدون تدخل من المجتمع الدولي، وهذا ما سيجعل من وضع الثورة السورية حالة فريدة مقارنة مع الثورات العربية الأخرى في تونس ومصر وليبيا واليمن التي حظيت بنوع من الدعم. وهذا ما يجعل من ‘الفيتو’ الروسي الصيني مؤلما للسوريين المتطلعين للحرية وللعرب بشكل عام، فهذا ‘الفيتو’ يوفر غطاء لجرائم نظام الأسد، ويمكنه من الإفلات من العقاب، وسيزيد من عدد القتلى ومن سيل الدماء السورية البريئة التي تراق في الشوارع
روسيا والصين اللتان منيتا بخسارة فادحة في ليبيا تخسران مرة أخرى في سورية، ولأول مرة يتجه الشارع العربي في عدائه نحو روسيا والصين، ونجد أنفسنا في توافق مع أمريكا وأوروبا، وهو توافق مقبول شعبيا ومرغوب ومطلوب في نفس الوقت
مشكلة موسكو وبكين أنهما لا تريدان خسارة آخر مواقعهما في العالم العربي، وهما تعتقدان أن سقوط نظام بشار الأسد سيخرجهما من المنطقة بشكل كامل، وهما على حق في ذلك، فهما لم تمنعا الحرب ضد العراق، ولا استطاعتا الحيلولة دون سقوط القذافي، ودائما كانت مواقفها خجولة ومترددة وغير فاعلة بالنسبة للقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية
كان يمكن لروسيا والصين أن تتحالفا مع تطلعات وآمال وأهداف الشعب السوري لكسب العرب وتعزيز مصالحهما في العالم العربي، لكنها اختارتا دعم الدكتاتورية الدموية، ضمن لعبة المصالح الدولية. وعلى الرغم من استخدامهما نفوذهما في مجلس الأمن لتعطيل تسريع وصول السوريين إلى حريتهم، فان الشعب السوري سينتصر، وستتكبد روسيا والصين المزيد من الخسائر في منطقة يسيل على ثرواتها لعاب العالم كله

القدس العربي – 2011-10-05

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today5qpt478.htm&arc=data\2011\10\10-055qpt478.htm