في الشهر التاسع، المجلس الوطني بحلّة جديدة – خولة دنيا

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 novembre 2011
… في الوقت الذي يزداد فيه الضغط على الثائرين السوريين لقمع الثورة، وإجهاض المناطق التي أصبحت رمزاً للحراك، رغم شهور القمع، والقتل اليومي والاعتقالات، في هذا الوقت تبدو الصورة مرتبكة قليلاً ونحن نسمع تعالي أصوات الخوف من القادم، ممثلاً بحرب أهلية، أو انتقامات طائفية، أو انتصارات باهتة لنظام القمع الذي مازال مصراً على سياسته، ومتجاهلاً كل الدعوات التي بعضها يصب في مصلحته، كما بينت مبادرة الجامعة العربية التي فتحت أفقاً لحل يكون النظام جزءاً منه، يتمثل في التفاوض مع المعارضة للوصول إلى حل سلمي
غير أن النظام كالعادة مازال متعنتاً، يزاول غباءه الذي أصبح إحدى أهم سماته منذ بداية الثورة ولليوم.. فنرى التصريحات مليئة بالامتهان للمبادرة والشخصيات التي حملتها، والدول التي وقعت عليها، وضارباً عرض الحائط بكل احتمالات الحل السلمي والسليم للوضع الحالي
كما مازال يمارس سياسة القمع والقتل من جهة، وتجذير الحالة الطائفية ودعمها وإيجاد المبررات والتربة الخصبة لنموها
هي الحالة كذلك، عبّرت عنها شخصيات النظام بكل الأشكال الممكنة وبكل السفاهة والبذاءة الممكنة كذلك، أن لن نستسلم حتى آخر قطرة دم، دون تبيان أي دم يقصدون: هل هو دمهم الخاص؟ أم دماء الشعب السوري التي تسال يومياً، ويمكن أن تتحول لنهر يجري في حال فوز حل النظام، والتحول إلى حرب أهلية، أو تدخل خارجي، أو اقتتال داخلي
في هذه الظروف العصيبة جاء البرنامج السياسي الذي طرحه المجلس الوطني (والذي رحبنا به بعد انتظار) ليكون رافعة حقيقية للوضع السوري، وضمانة للمراحل القادمة التي يشكك بها كثيرون، كما مدعاة اطمئنان للفئات التي كانت تنادي وتتطالب بالطمأنة على مستقبلها ومستقبل سورية، من خلال رؤية سياسية واقعية ترى الواقع السوري اليوم، وترى إمكانات تطوره في المستقبل
من أهم ما جاء في البرنامج السياسي
– سورية الجديدة دولة ديمقراطية مدنية تعددية، نظامها جمهوري برلماني، السيادة فيها للشعب، ويقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات وتداول السلطة وسيادة القانون وحماية الأقليات وضمان حقوقهم
– وهي تضمن لمواطنيها ما ورد في الشرائع الدولية من حقوق الإنسان، والحريات الأساسية في الاعتقاد والرأي والتعبير والاجتماع والإعلام وغيرها، كما يكون جميع مواطنيها متساوين في الحقوق والواجبات دون أي تمييز على أساس القومية أو الدين أو الجنس
هاتين النقطتين تكتسبان أهمية خاصة إذا تناولناهما من زاوية خوف العلمانيين، واليساريين والأقليات من المد الإسلامي، والتنظير الذي رافق ذلك حول إمكانية نشوء دولة إسلامية أو خلافة إسلامية… وغيره مما اشتغل عليه النظام وصدقه الكثيرون، ناسين أو متناسين أن سورية دولة مدنية ولا تمتلك أي مقومات تحولها لدولة خلافة بسبب تنوعها الإثني والثقافي والديني.. والسياسي كذلك

النقطة التي أرغب في تناولها هنا لأهميتها هي ما يتعلق بتوسعة المجلس ليتسع لأطياف المعارضة، القديمة منها والجديدة، المستقرة والمتجذرة والوليدة
فنحن نشهد أفواجاً جديدة من المعارضة تدخل الساحة كل يوم، قد تكون على شكل كتل، أو أحزاب، أو ائتلافات، أو أشخاص.. كما قد تكون مرتبطة بالحراك أو بعيدة عنه ممثلة لجزء منه، أو ممثلة لفئات لم تدخل الحراك ولكن تعتبر جزءاً من النسيج السوري لا يمكن تجاهله في سورية المستقبل، ولا في أي حل لسورية الجديدة
وعلى الرغم من تلقينا خبر اللقاء المزمع عقده بين أطياف المعارضة للتنسيق بينها وصولاً لاندماجها أو التنسيق بينها في إطار واحد، بسبب الضغوط على الجميع من قبل جامعة الدول العربية، والمجتمع الدولي، وأساساً من الشارع وممثلي الحراك
على الرغم من هذا، فاجأتنا شخصيات معارضة البعض منهم يحتسبون على مؤتمر انطاليا بإعلان مبادرتهم الخاصة، وهم الذين نعرف جميعاً أنهم على الرغم من كونهم شخصيات معارضة ومعروفة للجميع، غير أنهم كان من المفترض من البداية أن يكونوا جزءاً من المجلس، وإعلانهم هذا وفي هذا الوقت، يعيدنا خطوات للوراء، فهذا الاعلان جاء في الوقت الذي نحتاج فيه لصوت واحد من المعارضة، وفي وقت يضغط فيه الجميع للم شمل المعارضة وتمثيلها بالمجلس الوطني الذي حقق انجازات وخطوات مهمة لا يمكن التغاضي عنها وافشالها، لصالح أي شكل جديد
لقد أصبح واضحاً للشعب السوري، أن سنوات القمع الطويلة أورثتنا معارضات مجزوءة ومهملة ترى اليوم ان فرصتها حانت للظهور… ولكن يبدو أن الرغبة بالظهور في كثير من الأحيان تكون على حساب اللحظة التاريخية والاستحقاقات التي تفرضها الثورة. كما تبدو الخلافات بينهم وكأنها نوع من الشخصنة وتحجيم للثورة لتناسب مقاسات أفراد وجماعات
بيّن البرنامج السياسي للمجلس الوطني مرونة في استقطاب الكثير من اطياف المعارضة حين نص على
– الحفاظ على الإيجابية والمرونة مع كافة القوى السياسية المعارضة الموجودة خارج المجلس، والعمل على ضمها إليه في حال موافقتها على بيان تأسيسه ووثائقه، أو تنسيق الجهود معها في الحدّ الأدنى، ووضع الآليات اللازمة لذلك
كما عمل على إيجاد آلية لوجوده المؤقت، علّها تعطي طمأنينة للتشكيلات السياسية الأخرى، خلال المرحلة الانتقالية
– يدعو المجلس إلى مؤتمر وطني جامع تحت عنوان التغيير الديمقراطي، لوضع برنامج وملامح المرحلة الانتقالية مع ممثلي المجتمع السوري بكل أطيافه و بمن لم تتلطخ أيديهم بدماء الشعب أو بنهب ثروة الوطن من أهل النظام
– تنظم الحكومة المؤقتة خلال سنة كحد أقصى انتخابات حرة بمراقبة عربية ودولية لانتخاب جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور جديد للبلاد يتم إقراره بعد طرحه على الشعب عبر استفتاء عام
– تجرى الانتخابات النيابية الحرة في مدة أقصاها 6 أشهر وفقاً للدستور الجديد
يبدو أن الكعكة السورية تثير شهية الجميع لحصة ما، مع أنها مازالت في الفرن، ولم تنضج بعد
ويبدو أن أملنا في الالتفات إلى العمل الذي يصب في صالح الثورة، ويساهم في إسقاط سريع للنظام، مازال يصطدم ليس بمراوغات النظام وتعنته وحسب، ولكن أيضاً بتعنت المعارضات وعدم تحملها لمسؤولياتها تجاه نزيف الدم السوري وتضحيات الثائرين

مثقفون أحرار لسورية حرة – الأسبوع 9 – تشرين الثاني 2011
http://www.facebook.com/profile.php?id=100002554193490&ref=tn_tnmn#!/pages/%D9%85%D8%AB%D9%82%D9%81%D9%88%D9%86-%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A9/164591120292764