في المؤامرة التركية القطرية الأردنية – ياسر أبو هلالة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 19 novembre 2011

تحمد الله على نعمة العقل عندما تتابع ما يصدر على لسان مؤيدي النظام السوري. ولعل جهة توثق ما يصدر، لإنتاج حلقات مفتوحة من الأدب الساخر، مرئيا ومكتوبا. وكأي أدب، فهو مبني على خيال، ولا يمت بصلة وثيقة للواقع. فالأماكن غير الأماكن، والأشخاص غير الأشخاص، والوقائع غير الوقائع.ومن الطريف أن بعض « اليسار » المنحاز إلى النظام السفاح يفتقر القدرة على إبداع أدبه الساخر، ويعيد تقليد ما ينتج في لبنان بشكل أساسي. طبعا نحن لا نتحدث عن ليلة سقوط غرناطة، نتحدث عن مأساة مروعة أقرب إلينا من حبل الوريد. ويمكن لأي باحث مبتدئ أن يذهب ويزور المنطقة الحدودية ويقابل آباء الشهداء وأبناءهم ويعرف من قتلهم ومتى ولماذا.

ومن الممكن لأصحاب العلاقة الخاصة مع دمشق أن يجتازوا الحدود، ويزوروا درعا وأخواتها، ويشاهدوا بأعينهم مباشرة هول الكارثة، بعد أن أنكروا اختراع الكاميرا والإنترنت، وصار كل ما يبث هو من إبداع هوليوود التي توقفت عن الإنتاج السينمائي وتفرغت للمؤامرة. وليس في ذلك مبالغة، فقد ذكر تلفزيون « دنيا » أن استديوهات على شاكلة مدن حماة ودرعا وحمص بنيت في الدوحة!طبعا لن يفعلوها، فالأدب يتطلب تجردا من الواقع، ويكتفي برواية السفير السوري بهجت سليمان. وهو سبق وأن كان مسؤول الأمن الداخلي في المخابرات العامة السورية، وهو جهاز معروف بسجله الرائع في منظمات حقوق الإنسان، ويمكن الاستعانة بتقارير منظمة العفو الدولية ورواية « القوقعة » للتفريق بين الخيال الأسود والواقع القاتم!من فصول الأدب الساخر ما يقوله أصدقاء النظام السوري عن « المؤامرة التركية القطرية »، والتي يضعون الأردن في صلبها بعد تصريحات جلالة الملك لـ »بي. بي. سي »، والتي رد عليها بتمزيق العلم الأردني في دمشق.

وبعيدا عن تحليل المقابلة، فإن قراءات مؤيدي النظام السوري تقرأ من قبيل الأدب الساخر ليس أكثر.فقد ظل الأردن الرسمي على رغم كل الخلافات السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية مع سورية يعتقد أن بشار الأسد ضمانة الاستقرار في سورية. وفي ذروة خلافاته مع الولايات المتحدة على خلفية الموقف من العراق وحرب تموز، ظل الأردن قناة مهمة للتواصل والحوار مع الإدارة الأميركية بطلب رسمي سوري، وبمبادرة تقتضيها علاقات الأخوة والجوار. وكان من عناوين الزيارة الملكية لواشنطن منتصف العام « عدم القطع » مع نظام بشار، فهو القادر على تجاوز الأزمة من دون تدخل خارجي.

على ما شاب علاقات الأردن وسورية من توتر وجفاء أحيانا، ظلت علاقات دمشق بأنقرة والدوحة دافئة ومميزة. وكان السوريون يعلنون عن تحالفهم الاستراتيجي معالبلدين، وكانت العلاقات توصف بالحميمية. وبعد الثورة السورية راهن البلدان على حميمية العلاقات في إقناع بشار بضرورة الإصلاحات، وفشلا فشلا ذريعا.مشكلةبشار وجماعته أنهم ينكرون وجود شعب سوري ثار رغما عنه بعد عقود من القمع الوحشي، لم يشاور عمان ولا الدوحة ولا أنقرة، وبالضرورة هو عدو لواشنطن وتلأبيب. وهذا الشعب قدم في ملحمته ما لا يقل عن خمسة آلاف شهيد، وأضعافهم من المعتقلين والجرحى واللاجئين.. وهم يعتبرونه شعبا متآمرا.إن مصلحة العربوالمسلمين عموما ومصلحة الأردن خصوصا هي الوقوف مع الشعب السوري، لأنه باق وأعمار الطغاة قصار. ومن يقفون مع بشار لا يؤثرون في المشهد، إلا منزاوية مسرحية مضحكة مبكية

Source : Http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef/article/27550.html
Date : 17/11/2011