كارهو روسيا الجدد – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 19 mars 2016

manar-rashwaniرغم تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداده لإعادة طائراته العسكرية إلى سورية خلال ساعات إن اقتضى الأمر ذلك، ناهيك عن احتفاظ موسكو بقدرات عسكرية غير قليلة في قاعدتها القديمة بمدينة طرطوس، وتلك الجديدة في مطار حميميم، إلا أن ذلك لا يخفف من إحباط من احتفوا بالتدخل العسكري الروسي المباشر في سورية لحماية نظام بشار الأسد من الانهيار.
والغريب، المضحك المبكي، أن سبب هذا الإحباط الذي قد يصل مستوى الغضب من موسكو، ليس إلا « إعلان » الأخيرة (لا أكثر)، تبنيها للذريعة الرئيسة التي استخدمها أنصار الأسد في تبرير التدخل الأجنبي الروسي وحتى الاحتفاء والتباهي به، بعد أن كانوا يهدرون دم كل من يدعو، مجرد دعوة، لتدخل مماثل من قوى أجنبية، لأن الهدف ليس حماية بشار الأسد تحديداً دون أي هدف سواه.
فاليوم، يدعي/ يؤكد الروس أن هدفهم من سحب « الجزء الأكبر » من قواتهم العسكرية من سورية هو تعزيز فرص التوصل لتسوية سياسية للصراع هناك، وبما يضمن بالتالي بقاء (أو للدقة، إعادة) « الدولة » السورية موحدة جغرافياً وسياسيا. فلماذا، إذن، يغضب أنصار التدخل الروسي من هكذا هدف، لا يُفترض أن يختلف عليه موال ومعارض سوريان، عدا عن أن هذا الهدف طالما كان الذريعة المعلنة لتبرير القصف الروسي للمعارضة السورية وليس تنظيم « داعش »، وقبله وأثناءه وبعده ارتكاب إيران ومليشياتها مذابح بحق الشعب السوري؟
الإجابة ببساطة هي أن العرب المهللين لقتل الشعب السوري بزعم « حماية الدولة السورية »، لم يكونوا يوماً -كما يثبت المؤشر الأحدث ضمن مؤشرات كثيرة جداً، وهو الانسحاب الروسي- إلا ساعين لرؤية استمرار بشار الأسد بمسمى « رئيس سورية »، بحيث يمتلك كامل الصلاحيات في قهر السوريين وحدهم بالوسائل كافة، وإن كان فاقد كل سلطة ودور في مواجهة موسكو وطهران، وحتى المليشيات الطائفية المتعددة الجنسيات المدعومة من إيران. ومن ثم، فإن مثل هذا « النصر » المأمول سينتهي تماما في حال صدقت روسيا في دعمها للتسوية السياسية، إذ ستعني هذه الأخيرة أحد أمرين لا غير: رحيل بشار الأسد سريعاً، أو تجريده من أغلب أو كل صلاحياته ضد الشعب لحين رحيله لاحقاً. ويُضاف إلى ذلك، في الحالين، تضاؤل أو انعدام فرص تولي حافظ بشار حافظ الأسد الرئاسة لاحقاً، وارثاً لمنصب أبيه وجده، على هدي نموذج كوريا الشمالية العظيم في كل بؤس.
يكرر الناشطون السوريون دوماً مقولة دقيقة، وهي أنه إن لم يكن للثورة السورية من فضل، فسيظل فضلها أنها أسقطت الأقنعة عن أوجه كثيرين. فالمتباكون على الديمقراطية في بلادهم التي قد تكون مكافئة لسويسرا مقارنة بـ »سورية الأسد »، يبررون إبادة السوريين جماعياً لأجل آل الأسد، قبل ثورة 2011 وبعدها. والمتباكون كذباً على « الدولة » لم يبخلوا بكل ذريعة لتدميرها لأجل الأسد. ولأجله أيضاً صار إهدار السيادة هو أحد صلاحيات بل وإنجازات « السيد » الرئيس صاحب « القرار المستقل »!… والحبل على الجرار.