كم يجب أن يموت من السوريين لأجل شخص؟! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 5 mars 2013

في تقرير مجلة « نيوزويك » الأميركية المنشور في 12 شباط (فبراير) الماضي، بعنوان « هل خانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية ثوار سورية؟ »، يستعرض عدد من قيادات الثوار حجم الوعود الأميركية الكاذبة بمساعدات لم يصل منها شيء، بما فيها المستلزمات الطبية لمساعدة الجرحى والمرضى. وينتهي أغلب هؤلاء إلى ما بات انطباعاً شبه مجمع عليه اليوم، بغض النظر عن صحته تماماً أو لا، وهو أن الولايات المتحدة لا تريد سوى إدامة الصراع بين الثوار والنظام، وفق ما يسميه أحد داعمي الثوار « أجندة مظلمة »؛ تهدف إلى تدمير سورية.
هذا يؤكد، بداية، وبما لا يدع مجالاً للشك، كذب متهمي الثوار السوريين بالعمالة للخارج الذي يرفض حتى مساعدتهم إنسانياً، فكيف تسليحهم؟ كما يؤكد، بالتالي، أن الثورة السورية لم تكن إلا ثورة (متأخرة جداً) على عقود من الاستبداد والفساد اللذين لم يتوقفا حتى اللحظة، كما تشهد أسماء المعتقلين والمختفين لدى نظام الأسد، المسؤول وحده، بالنتيجة، عن حالة الدمار المتواصل اليوم لسورية.
لكن، من الذي يملك مفتاح الخروج من دائرة الموت المفرغة التي يعيش فيها السوريون منذ عامين؟
إنهم بقية أركان النظام الذين لم يتورطوا في جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق السوريين، والذين ما تزال لهم مصلحة في حماية سورية، وشعبها بفئاته وطوائفه كافة، من الانزلاق إلى أتون حرب أهلية ممتدة، وضمنها تحول سورية إلى دولة فاشلة تتخذها « القاعدة » وتفرعاتها معقلاً لها، ومنطلقاً لتنفيذ عملياتها الإرهابية في الداخل والخارج. أما المفتاح، فهو ليس إلا التخلص من الأسد والحلقة الضيقة المحيطة به من مجرمي الحرب حالياً، الذين أثروا في السابق فساداً.
والواقع أن هذا هو الحل الذي اقترحه رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، أحمد معاذ الخطيب، بالتفاوض مع النظام، لكن على (شرط) رحيل بشار الأسد.
وربما يشكك أنصار الأسد في هكذا دعوة، ويستغرب آخرون، كونها تعلق مصير كل سورية على وجود مجموعة أمنية عسكرية إضافة إلى بشار الأسد. لكن بدون رحيل من بات رمز القتل والدمار، والذي يصر حتى يوم أول من أمس، في مقابلته مع صحيفة « صنداي تايمز » البريطانية، على اعتبار كل الثوار إرهابيين؛ بدون ذلك لن يقبل الثوار أبداً إلقاء السلاح. فأهم من صعوبة قبول التنكر لكل تضحيات الشهداء الذين زادوا على السبعين ألفاً، لا يمكن لعاقل تصور الثقة برئيس نظام ظل يمارس الانتقام بحق معارضيه، وحتى أبنائهم وأقاربهم، طوال عقود، رغم استتباب الحكم له. فمثل هذه الثقة، لن تعني إلا مضاعفة عدد القتلى السوريين عشر مرات على الأقل بعد وضع السلاح، انتقاماً يراه الأسد مصالحة؛ إنما مع ماضيه الاستبدادي، وعلى حساب الشعب « الخائن » الذي تجرأ فطالب بالحرية والكرامة.
الآن، بات جلياً أن كل الضحايا الذين يسقطون من السوريين، فضلا عن تدمير البلد، إنما يموتون بسبب أو لأجل شخص واحد، كان هو المسؤول، باعتراف نائبه فاروق الشرع، عن كل مراحل المأساة التي تعيشها سورية منذ عامين. ألا يكفي سبعون ألفاً -بالحد الأدنى- من القتلى، ومئات الآلاف من المعتقلين والمختفين والنازحين واللاجئين؟ سؤال لا يوجه لأنصار الأسد الذين لا يعترفون بوجود شعب سوري أصلاً، فسكتوا على معاناته عقوداً!

http://www.alghad.com/index.php/crew/152751.html