لا تقتلوني مرتين – خولة دانيا

Article  •  Publié sur Souria Houria le 20 décembre 2011
هو الألم مايعود المرة تلو الأخرى، عندما يسقط الشهيد، ويساوم عليه
يتكرر المشهد كثيراً.. شهداء يسقطون، يتم اتهام النظام بهم.. ويعود الأهل لينكروا الأمر، ويتهموا المسلحين المجهولين، العصابات المسلحة.. الطائفية.. أي سلاح خارج النظام.. ولكن موجه لصدورهم
كم من المرات يمكن أن تقتلوا الشهيد؟
هو الخوف، ما يحكم قتله للمرة الثانية، ولكن هذه المرة يقتل معه روح أهله، وصدقهم، وكرامتهم
يشتري صمتهم بحقهم بالحياة.. حين يقايض شهيدهم بأرواح من بقيوا على قيد الحياة
رأيناها كثيراً واستنكرناها أكثر.. ولا من وسيلة لإيقاف القتل المتكرر لشهداءنا
شهداء لم يتم تسليم جثامينهم حتى وقع أهلهم على أوراق تقول أن العصابات المسلحة هي من قتلتهم
بدأت ولم نصدقها، حتى رأينا الشيخ يوسف الصياصنة يخرج على شاشات التلفزيون ويقول ما أرادوا له أن يقول
نعم كان أحد أبناءه قد قتل على باب المنزل، واعتقل أثنان من أولاده، وتمت مقايضته بحياتهم
سمعنا بها عند تسليم جثث الشهداء، بصك مختوم ومطلوب التوقيع على محتواه، ولأن الأهالي لا يرتاح لهم بال إلا بدفن أبناءهم فهم يستسلمون ويوقعون
سمعنا بها بين المؤيدين… حين يستنكروا قتل أولادهم من الجيش أو المدنيين، ويلعنوا السلطات وأصحابها، ويرفضوا إعلام السلطة المتبجح… ولكنهم يضطرون تحت التهديد لقول مالا يقتنعوا به حماية لباقي الأرواح التي يحبوها ويتمسكوا بها
هو الموت للمرة الثانية حين ترغمون أم ثكلى على الظهور الإعلامي لتنكر موت ابنها بيد من قتله
وهو الموت للمرة الثانية عندما تجبروا طفلة مسكينة على الظهور الإعلامي لتثبت عدم موتها، وفقط نعم فقط قنصها برصاص مجهول الهوية
أي روح تقتلون فينا، عندما تجبرونا على دفن أحبتنا تحت رحمة البنادق
أي روح تقتلون فينا، عندما تجبرونا على نكران حقيقتنا، وقصة موتنا

الأسوأ هو ما يحدث اليوم، وكل يوم ونحن نسمع عن أعداء هائلة من الجيش يموتون بصمت فقط لأنهم فكروا بالتوقف عن القتل
تنكرون موتهم.. تخفون موتهم في دفاتركم المغلقة.. تدفنونهم في مقابر جماعية، وتهيئوها للجنة ما قد تأتي لتفتحوها على رائحة الموت المجهول الهوية
صور لقتلى تملأ الجوامع في مدن قتلتم روح الثورة فيها.. فهل من أهل يتنادون للتعرف على أولادهم؟ أو على صور قتلاهم.. والأجساد برسم الدفن المشروط بالتوقيع على صك الإنكار

سوريا اليوم مليئة بمجهولي الهوية.. مجهولي الموت.. من يتم قتلهم المرة تلو الأخرى
سوريا اليوم مليئة بمن سيتم قتله المرة تلو الأخرى، كلما انكشف ستار جديد عن مجازر جديدة
من قال أن قتلانا هم خمسة آلاف شهيد… سوريا مليئة بالشهداء المجهولين، المخفيين بعناية قاتل جدير بلقبه
وسقوط النظام فقط هو ما سيكشف حجم موتنا الحقيقي، وطريقة موتنا الحقيقية
سقوط النظام هو الذي سيجعلنا نبكي قتلانا، وندفن قتلانا دون خوف.. ونحكي حكاياتهم وموتهم.. علنا ندفن معهم خوفنا على باقي أحبتنا
سقوط النظام هو الذي سيجعل أرواح: أسامة.. وساري.. وهاجر.. و.. و.. ترتاح أخيراً
وهو الذي سيجعل هبة تعود ثانية للمدرسة دون أن يتهمها أحد بانها كاذبة وجبانة
سقوط النظام هو الذي سيجعل سوريا ترتق جراحها، وتبكي شهداءها.. وتتجاوز ألمها وفرقتها
مجهولوا الهوية أبناءنا وأهلنا.. نريدهم اليوم كما نريدهم غداً، كي نكرّم بدفنهم، ما استبيح من كراماتنا ودماءن

فلا يمكن أن تقتلونا المرة تلو الأخرى
كفى قتلاً.. نريد أن نعيش

مثقفون أحرار لسورية حرة – الأسبوع 12 – كانون الأول 2011