لماذا خسر « السيد »؟ – محمد أبو رمان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 11 novembre 2011

برهن النظام السوري على نواياهالإصلاحية بشلالات من الدماء والجثث المتكدسة في المستشفيات، ورصاص وقصف يطاول الأطفال والنساء قبل غيرهم، مع هذه « الفرصة الزمنية » الجديدة التي تعطى له من جامعة الدول العربية، وكأنّها « رخصة » للقتل واستباحة المحرمات والأعراض والأرواح، حتى يوم السبت المقبل، موعد اجتماع الجامعة المخصص لمناقشة « خرق الاتفاق »

!أمّا حي « بابا عمرو » فقد كان « الحكاية » الحقيقية في العيد، ليكرّس فصلاً من فصول البطولة والوفاء لهذا الشعب العظيم في مواجهة آلة القتل البشعة، فدفع فاتورة إضافية على غيره، من دماء شبابه وأطفاله ونسائه. وإذا كان المجلس الوطني السوري قد اعتبر حمص « مدينةً منكوبة »، فكيف الحال ببابا عمرو، هل هنالك مصطلح أكثر من ذلك يمكن أن يصف حجم الأهوال التي يذوقها سكانه لأنّهم تواطؤوا على ارتكاب « جريمة المطالبة بحريتهم »؟!

 العالم بتباطئه وتقاعسه، والنظام العربي بعجزه وترهله، يساهمان في « شرعنة » هذه الجرائم البشعة ضد الإنسانية والمدنيين. ومن الواضح أنّه لم ينضج إلى الآن قرار دولي أو إقليمي لإنهاء النظام السوري المنهك، الذي ينتظر رصاصة الرحمة، بعد أن فقد أي نوع من أنواع « الشرعية »، حتى تلك الشعارات البرّاقة ضد إسرائيل، فمنحته (سابقاً) ميزة أفضل لدى قوى وشرائح اجتماعية عربية على الأنظمة العربية التي جمعت السوأتين؛ عمالة رخيصة للولايات المتحدة واستبداد وفساد داخلي.

 لم يخسر النظام السوري فقط ويظهر على حقيقته الدموية، أمام الرأي العام العربي، بل سحب معه كلا من إيران وحزب الله، اللذين خسرا كثيراً بانحيازهما لهذا النظام. فمهما كانت المبررات، فإن التواطؤ والمشاركة، ولو سياسيا ورمزياً، بهذه الجرائم ضد السوريين، هو سقوط أخلاقي وإنساني كبير، وموقف ليس من السهل على الشعوب العربية أن تغفره لهما.هل قرّر زعيم حزب الله حسن نصر الله، إغلاق عينيه، عندما صعّد من موقفه المؤيد لمذابح النظام السوري والمبارك للمجازر الحالية، فلم ير بالفعل ما حدث في حيّ بابا عمرو، وحمص، وقبلهما حماه وإدلب ودرعا ودير الزور والقامشلي وجسر الشغور..

فهل يرى نصر الله كل هؤلاء الملايين عملاء للصهاينة ومتآمرين؟!منذ البداية، وضع إعلام حزب الله في لبنان، من صحف وفضائيات، نفسه في خدمة الدعاية الرسمية للنظام السوري، واتخذ خندقاً معادياً للشعب السوري بأسره، فيما كان بإمكانه أن يبدو أكثر توازناً بين مصالحه السياسية وتحالفاته الآنية وبين صورته ومواقفه الأخلاقية ومصالحه على المدى البعيد، بعد الانهيار الأكيد للنظام الفاشي في دمشق!

لقد خسر « السيد » كثيراً على الصعيد الرمزي، لكن خسارته الكبرى تمثّلت في حساباته الخاطئة ضد شعب بأكمله استهتر بدمائه وتضحياته، بينما أثبتت حركة حماس أنّها أكثر تماسكاً وذكاءً من الحزب، فهي بالرغم من تحالفاتها الاستراتيجية العميقة مع التحالف السوري-الإيراني، والخصومة الرسمية العربية لها، وبرغم الضغوط السورية القاسية على قيادتها التي تقيم في دمشق، إلاّ أنّ الحركة اختارت أهون الشرّين، فصمتت، مع ما يحمله هذا « الخيار » من كلفة سياسية ومالية كبيرة على الحركة لدى حلفائها على الجهتين.ليست القضية فقط إنسانية وأخلاقية على أهمية ذلك كثيراً لحزب الله، فقد اعتمد كثيراً على هذه « الدعاية السياسية » سابقاً، لكنه أيضاً رهان خاسر وفاشل تورّط فيه « السيد » رمزياً وسياسياً، بل واستراتيجياً.

هذا النظام زائل لا محالة، عاجلاً وليس آجلاً، وقادته هم أول من يدركون ذلك، ولا يمكن أن يكون هذا « الإيغال » في المجازر ضمن حسابات البقاء.. بل الرحيل.

 10 / 11/ 2011 – الغد

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef/article/27482.html