ماذا بعد الأسد؟ – بسمة قضماني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 août 2011

 عندما قامت الثورة فى كل من تونس ومصر كانت كعاصفة هبّت وكنّست النظامين السياسيين خلال أيام ولم يتح الوقت لنقاشات مطوّلة بين القوى والتيارات السياسية فوجدت هذه القوى نفسها تقف وجها لوجه بعد سقوط النظام امام فراغ سياسى ومؤسساتى وعندها بدأ الجدل حول تنظيم المرحلة الانتقالية والمبادئ التى يتحدد شكل الدولة وطبيعتها على أساسها. لقد استعاد الشعب المصرى مثل التونسى من قبله الوطن والدولة قبل ان يضطر إلى البحث عن توافق بين القوى السياسية حول قواعد اللعبة اليمقراطية

أما فى سوريا فانتفض الشباب وحسموا أمرهم بأنهم سيتخلصون من نظام الأسد مهما كان الثمن وأصبحت بطولة المدن السورية واحدة تلو الأخرى تثير إعجاب العالم بأسره

الثورة تطول وهى الآن فى شهرها السادس وذلك يضع قوى المعارضة امام تحديات بالغة الصعوبة. أولها يكمن فى التداخل الزمنى بين مرحلتى إسقاط النظام والمرحلة الانتقالية أى فى ضرورة وضع تصور لبعض ملامح المرحلة الانتقالية للتسريع فى إكمال المرحلة الأولى اى مرحلة إسقاط النظام. من بين هذه الملامح هناك مجموعة أسس ومبادئ تتحدد من خلالها قواعد اللعبة الديمقراطية ومجموعة مبادئ مؤسسة للدولة لا تخضع لاختيار من قبل الأكثرية أى لصندوق الاقتراع بل تقوم على مبدأ التوافق. نقاش المعارضة السورية شبيه كل الشبه بالنقاش الدائر فى مصر وتونس اللتين دخلتا الآن فى مرحلة التفاوض حولها. لكنه بالنسبة لسوريا فالفارق المؤلم هو ان هذا النقاش يدور فى المنفى بين مجموعات من السوريين المتبعثرين فى كل أنحاء العالم وفى الوقت الذى تشتشرس فيه كل قوى القمع للنظام ويأتى كل مطلع نهار بضحايا جديدة

التداخل هذا يسبب خلطا عند كثير من ممثلى المعارضة فبغض النظر عن خلافات ومنافسات بين أشخاص وهذه موجودة ومعيقة حقا، فإن هناك من يريد بناء الرؤية المستقبلية وتعريف الدولة المدنية بالتفاصيل ووضع ميثاق شرف أو مبادئ حاكمة للدستور والحصول على ضمانات من القوى السياسية الأخرى قبل الدخول فى تحالفات وهذا الجدل كما فى تونس ومصر قائم بين التيار العلمانى أو ما يسمى بالديمقراطى من جهة وبين القوى الإسلامية من جهة أخرى. التيار الأول يقول هل نوقّع لهم أى الاسلاميين على بياض؟

السؤال مشروع لكنه يحتاج إلى بحث فى ضوء الواقع الجهنمى الذى يعيشه الشعب على الأرض. فإن تحالف قوى المعارضة وتشكيل هيئة موحدة بين كل القوى المعتدلة أصبح ضرورة ملحّة لأن الوقت لا يلعب لصالح المعتدلين. ينبغى إذن أن تعى كل القوى الديمقراطية فى الداخل والخارج خطورة المرحلة الراهنة بكل أبعادها لكى تضع استراتيجية مشتركة لا لإسقاط النظام فحسب بل لإنقاذ وطنها

الشروق – ٢١ آب ٢٠١١

http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=526846