ما بعد بشار الأسد ليس سهلا – ياسر أبو هلالة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 2 octobre 2011

يجمع المسؤولون الغربيون على أن نظام بشار الأسد انتهى. وتُنقَل عن الدوائر الضيقة المحيطة بالنظام أفكار شتى للتعامل مع مرحلة ما بعد السقوط، تستفيد من تجارب الربيع العربي، جلها مبنية على أساس الاحتراب الطائفي والتحصن في القرى المنيعة، والتهديد باستخدام سيناريو الدولة العلوية، أو إعلانها فعليا. وفي سبيل ذلك تسخر إمكانات مالية تقوم على نهب مقدرات الدولة من العملة والذهب وتسخيرها في خدمة المجاميع الأمنية والعسكرية التي تتسلح بأحدث أنواع الأسلحة. بحيث تفرض « الدويلة » شروطا أفضل تمكن رؤوس النظام من الإفلات من العقاب، وتفشل في الوقت ذاته إمكانية بناء سورية حديثة وديمقراطية
يدرك بشار عزلته التامة، ويعرف أن مواقف روسيا والصين لا قيمة لها عمليا، ولم تجد نفعا لا مع القذافي ولا مع صدام حسين ولا مع الصرب ولا مع غيرهم. البلد الوحيد الذي يقف معه هو إيران بامتداداتها في العراق ولبنان، وهي ستشجع « الدويلة » وستحاول إيجاد عمق لها من خلال شيعة لبنان والعراق. وفي النهاية لدى إيران خبرة واسعة في إدارة الحروب الأهلية والاستفادة منها سواء في لبنان أو العراق أو أفغانستان
في المحصلة، بشهور أو سنوات ستذوي هذه الدويلة، ولن تكون إيران بمنأى عن التغيير، وحزب الله نفسه ضجر من نظام بشار، وبحسب ويكي ليكس، فحزب الله يتهم النظام السوري باغتيال عماد مغنية. وستكون أولوياته الحفاظ على نفسه ومصالح طائفته التي تكاد تكون أكثرية في لبنان لا ربطها بنظام آفل
ليس سهلا التعامل مع واقع حرب أهلية، لكنها حرب فرضها النظام الطائفي على شعب أعزل. المرحلة الأصعب كيفية التعامل مع بقايا النظام الآفل. فلم تعرف البشرية إجراما ووحشية نوعا وكمّا مثل نظام الأسد أبا وابنا. الفارق بينهما فقط في التوثيق، فجرائم الأب وثقت نصوصا في تقارير منظمات حقوق الإنسان، أما الابن فقد أتاحت ثورة التقانة توثيقها صورا وبثها بأسرع وقت على أوسع نطاق. وهو ما أتاح للضحايا والمتعاطفين معهم والشامتين بهم فرصة مشاهدة الحدث وكأنه أمامهم عيانا. فجعنا في أول الثورة السورية بصور حمزة الخطيب الطفل الذي بتر عضوه التناسلي وخرم جسده، وبعد نصف عام فجعنا باغتصاب الفتاة زينب الحصني ابنة التسعة عشر ربيعا وشويها وتقطيع أوصالها
حقيقة ما أزال أعيش صدمة مشاهدة الفيديو الكامل الذي لم ينشر على وسائل الإعلام، الجثة سلمت من الأمن لمشفى حمص. أي أن جهة رسمية أرادت توصيل رسالة واضحة هانحن فاحذروا. الجثة بعد إعادة تركيبها رأس مقطوع ومشوي، ويدان كذلك مقطوعتان ومشويتان. هذه آخر رسالة للتخويف، كل قصة زينب أن شقيقها مطلوب للأمن
تجرى عمليات اغتصاب على نطاق واسع، لكن لأسباب اجتماعية وأخلاقية يتكتم عليها، لكن قصة زينب تمثل ما بعد الوحشية. السؤال الكبير كيف يمكن التعامل مع عصابات الإجرام هذه بعد سقوط النظام؟ وكيف يمكن التعامل مع رئيسها بشار الأسد؟ الشعب السوري أجاب بوضوح استمرار الثورة. هكذا تصرّف أهل زينب التي تخلد في رحمة الله بعد أن رحلت عن جحيم النظام الوحشي
هذا الجواب العاجل الآن، لا يلغي التحضير للجواب الآجل غدا. السؤال مفتوح للثوار وأنصارهم، وللطاغية وأنصاره. ولا أستغرب أن يطالب  أنصار الطاغية في عمان بإلحاق المدونة طل الملوحي بابنة بلدتها زينب الحصني. ولا نعلم إن كانت طل لقيت نفس المصير، فلا أحد يعلم عنها شيئا. يا الله كن في عونهم

الغد – 30/09/2011

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef/article/27078.html