مذبحة كيماوية جديدة قادمة؟ – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 21 septembre 2013

وفقاً لتصريحات نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل، في مقابلته مع صحيفة « الغارديان » البريطانية، والمنشورة أول من أمس، فإن الدليل الروسي الذي يبرئ بشار الأسد ونظامه من ارتكاب مذبحة الغوطة في 21 آب (أغسطس) الماضي، يتمثل في أن الصواريخ المستخدمة هي صواريخ سوفيتية-ليبية، تم شحنها للثوار السوريين محملة بغاز « السارين » الذي امتلكه معمر القذافي، ثم آل إلى الثوار الليبيين عقب الإطاحة به.
وليس السؤال هو عن كيفية نقل هكذا سلاح للدمار الشامل كل هذه المسافة، بدون معرفة جميع أجهزة الاستخبارات في العالم، وضمنها حتماً الاستخبارات الروسية التي يُفترض أنها تنتمي لدولة عظمى! لاسيما أن هكذا سلاح يثير هلع حتى الدول المؤيدة للثورة السورية، بسبب احتمال وقوعه في اليد الخطأ. السؤال الحقيقي الذي يكشف سخف الادعاء الروسي، هو: كيف وصلت الصواريخ المحملة بالغاز القاتل إلى مواقع تابعة للحرس الجمهوري، أقوى تشكيلات الجيش السوري والخاضع لقيادة ماهر الأسد؛ وليتم إطلاقها من هناك باتجاه مدنيين عُزل، في مناطق تشكل حاضنة الثوار؟! وربطاً بذلك، لماذا اكتشف الروس الآن فقط هذه المعلومات الخطيرة التي لم يأتوا على ذكرها إلى حين صدور تقرير مفتشي الأمم المتحدة الذي أثبت ضمنياً، وبما لا يدع أي مجال للشك، مسؤولية نظام الأسد عن ارتكاب مجزرة الغوطة؟
هنا من المهم العودة إلى مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع القناة الأولى للتلفزيون الروسي، مطلع الشهر الحالي. فوفقاً لنص المقابلة المنشور على موقع « الكرملين »، أكد بوتين « أن روسيا قد توافق على عملية عسكرية في سورية إذا ثبت أنها نفذت هجمات بأسلحة كيماوية ». لكن مع ثبوت ارتكاب نظام الأسد مجزرة الكيماوي الأخيرة -وليست الوحيدة- ترفض روسيا الآن حتى إدراج قرار الأمم المتحدة بشأن تفكيك « الكيماوي » السوري ضمن الفصل السابع. ربما لأن ذلك قد يعني النيل من انتصارها الذي حققته بحماية الأسد من ضربات أميركية بدت محققة.
لكن فشل محاولات الروس لخلط الأوراق عبر فبركة « أدلة » تضاهي في أسلوب إخراجها تلك التي أنتجها وينتجها الإعلام السوري الرسمي، قد يدفع (الفشل) إلى ارتكاب مجزرة كيماوية جديدة؛ تنطلق صواريخها أو قذائفها هذه المرة من مناطق خاضعة للمعارضة، وتستهدف مواطنين سوريين في مناطق النظام، ولاسيما السوريون العلويون وحتى المسيحيون، فقط لتبرئة الأسد عبر « إثبات » امتلاك الثوار أسلحة كيماوية ووسائل لإطلاقها!
ظروف تحقق مثل هذا السيناريو المأساوي تبدو مثالية أكثر من أي وقت مضى. فالجيش الحر بات يخوض معارك ضد تنظيمات « القاعدة » التي من الممكن اختراقها بسهولة، لاسيما وأن رئيسها الفعلي، إلى وقت قريب جداً على الأقل، ليس إلا علي مملوك؛ رئيس مكتب الأمن القومي السوري، حينما كانت « القاعدة » تُستغل لإشغال الأميركيين في العراق. وحتماً لا يُستحضر هنا المحذور الأخلاقي (والذي يُفترض أنه الأهم) للإقدام على هكذا جريمة تطال حلفاء النظام؛ فمن سمح بتدمير سورية، وقتل أهلها وتشريدهم بالملايين، لا يعترف حتماً بأي أخلاق. وهنا قد تكون روسيا، البعيدة والغريبة، آخر من يُلام، طالما أن من بين العرب من يبارك باسم « القومية العربية! » تدمير سورية بكل ما فيها، فقط لأجل نظام لا يستطيع أحد، بمن في ذلك هو ذاته، إنكار أنه نظام مستبد وفاسد.