مسرحيات دمشق وطرابلس – د.أحمد جميل عزم

Article  •  Publié sur Souria Houria le 31 août 2011

إن اختلفت مع واحدة أو أكثر من قنوات « الجزيرة »، و »العربية »، و »بي بي سي »، وغيرها من القنوات، وحتى لو اتهمتها بالانتقائية والتحيز في تحريرها وعرضها للأخبار، فإنّ الصور التي تقدمها الكاميرا تجعلك تذهب لمشاهدتها عند وقوع الحدث. وربما تستاء مما تخفيه أو لا تغطيه هذه القنوات، أو تعترض على طريقة صياغة الخبر، ولكن في النهاية هي مصدر للمعلومة، والصور يصعب أن تكذب.

الآن يشكك أصحاب نظرية المؤامرة بشأن ما يحدث في سورية وليبيا، بأداء الفضائيات العربية، ويقدمون بديلا لنا من زياراتهم ومشاهداتهم الخاصة. يحدثنا البعض أنّهم يذهبون في زيارات لمدن سورية ويعودون ليخبرونا أنّ الهدوء يعم البلاد، وأنّهم ربما رأوا مظاهرة أو اثنتين، يشارك بها حفنة أشخاص، يحركهم شخص يمكن رؤيته بوضوح يشتمهم ويوجههم لأداء عملهم المأجور. أو أنّ مظاهرات الساحة الخضراء في طرابلس، المعروضة في فضائية ما، هي من الهند.
وهنا نحتاج لطرح نقاط أساسية، أولها، من الذي اختار هذه الوفود دون غيرها، لتذهب إلى سورية، أو غيرها؟ لماذا أصدقاء النظام وليس غيرهم؟ هناك الكثير من أنصار « المقاومة » ومن ما يعرف بتيار الممانعة، تثق بهم الشعوب وبحياديتهم، وهناك سياسيون وقضاة وإعلاميون وغيرهم محايدون يمكن الثقة بهم؛ هل يمكن أن يذهبوا للتحقيق، وأن يتحركوا من دون سيارات أمن النظام ومن دون توجيه ودليل من النظام؟ لماذا لا يتوسط القائلون بوجود مؤامرة لدى النظام لتشكيل لجنة تحقيق شعبية عربية؟! وهل قابلت هذه الوفود العائدة من دمشق وحماة، قيادات ورموز المعارضة، وكم السجون التي دخلوها؟ هل تحدثوا لمراسل رويترز سليمان الخالدي، ومراسلة الجزيرة الإيرانية، دوروثي بارفاز، عن تجربة اعتقالهما؟
ثانيا، يراد لنا تكذيب الكاميرات التي تنقل صور عشرات آلاف المتظاهرين (على الأقل). لقد رد المتظاهرون على التشكيك الدائم بصدق مكان وزمان المظاهرات بوضع تاريخ ومكان الاحتجاجات على يافطاتهم. وبالتأكيد وقعت أخطاء، وبثت أفلام فيديو اتضح أنّها ليست من سورية أو ليبيا، أو هي أفلام قديمة، والسؤال هنا من يتحمل مسؤولية هذا الأمر؟ أليس النظام الذي يمنع الإعلام من العمل بحرية؟ إذا كان لا يوجد لدى الأنظمة ما تخفيه، فلماذا تمنع الإعلام؟ ولماذا تكتفي بوفود من أصدقائها لينقلوا لنا ما يجري؟! لقد وضعت القنوات قيودا قبل بث أي فيلم يرسله ناشطون لتفادي أخطاء محدودة حصلت بالفعل. والكاميرا لا تكذب عندما تكون أعداد الناس واضحة والمكان والزمان كذلك.
ثالثا، إذا كانت هناك مؤامرة غربية تستغل الفساد والتردي، فأين الخطة التي يطرحها الذين يخبروننا أن هناك مسرحية وتضخيما للأحداث؟ أغلبهم يدّعي أنّه مع الإصلاح، فهل يجرؤ هؤلاء على الذهاب إلى القيادة التي يدافعون عنها ويطالبونها صراحة وعلى شاشات التلفزيون ببرنامج إصلاح يتضمن تداولا للسلطة وتنازلا عن القيادة إذا ما قال الشعب بحرية إنّه لا يريدها؟ ويطرحون خطة لسؤال الشعب بحرية؟!
هل يمكن أن نحظى بإجابات عن ما مضى لنكذب أعيننا، ونكذب من يمكن التواصل معهم من سوريين؟
المصدر: http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef/article/26743.htm