من تسميات كتائب الجيش الحر إلى عسكرة الثوره – د. الياس ورده

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 mars 2012

لقد سبق لي وكتبت مرات عدة عن موضوع التسميات التي أعطيت، عموما، إلى فصائل الجيش الحر وكان هدفي، بشكل خاص، هو التوقف عن إعطاء تسميات لها طابع معين، على الرغم من اعتزازنا بالأسماء التي أعطيت، والتي لم تكن غالبا، معبرة عن سورية الثوره، (أي عن وطنيتها وشمولها لكل السوريات والسوريين بمختلف انتماءَاتهم العرقيه أو الدينيه أو السياسيه)، وذلك حرصا وتدعيما للوحدة الوطنيه، شرط رئيسي، لنجاح الثوره.

واليوم وصلنا ألى إعطاء اسم أمير دولة قطر ألى إحدى فصائل الجيش الحر. وهل سنتابع بإعطاء أسماء ملوك ورؤساء الدول أو رجال الأعمال الذين يساعدون الشعب السوري؟

هل هؤلاء الذين يفعلون ذلك سيقيمون مزادا علنيا لإعطاء أسماء المزايدين لأسماء كتائب الجيش الحرّ أو غيرها متناسين هؤلاء العظام الذين  دفعوا دمائهم ثمنا لحريتنا وكرامتنا؟

للأسف لم أجد،  في حينه، الدعم الكافي حول المخاطر المترتبه على ذلك وإلى أين ستنتهي! وها نحن الآن نصل إلى حيث لم يعد مقبولا على الإطلاق.

إن الدماء السوريه هي الأغلى  ومن كل مساعدات الكون ( ماليه أو غيرها)، وبالتالي فإن اصحابها  هم الأحق بتسميات كتائب الجيش الحر، مما يعبّر عن سورية الثوره قبل أي شيء آخر ويساعد في لمّ الشمل و تقوية اللحمة الوطنيه . إننا نشكر و سنشكر أصدقاء الشعب السوري ونحن شعب يعرف كيف يرد الجميل بالجميل قولا و فعلا. أين نحن ذاهبون في متاهات وتشعبات لا مبرر لوجودها، بل وأين كرامتنا واعتزازنا بنفسنا وبوطننا وسوريتنا؟ إن تسميات كهذه تمسّ في سيادتنا الوطنيه وكرامتنا والتي من أجل استعادتها انتفض شعبنا أيضا.

بالطبع مايلفت النظر في التسميات الجديده هو البعد الكامن بعلاقة من « حصل على شرف تسمية »، بموقفه من  عسكرة الثورة السوريه ولربما هنا بيت القصيد. إن هذا الموضوع مطروح بقوه في ساحة الثوره منذ فترة، وللبعض (الذين لا يرون أبعد من موقع قدمهم أو ممن لا يريدون الخير لوطننا الحبيب) منذ بداية الثوره. وبهذا الخصوص أؤكد على ضرورة اختيار « السلاح الملائم » في الوقت والظرف الملائمين.

إن حمل السلاح أصبح ضرورة ولكن ليس بيد المتظاهرين الأبطال وإنما بأيادي مدربه، أمينه، واعيه، منظمه وخاضعه لقيادة سياسيه ولها وحدها (القياده السياسيه) حق القرار في كيفية المواجهه. المقاومه المسلحه ليست هدفا وإنما وسيلة للدفاع عن النفس ولتأمين حماية المتظاهرين والمواطنين الذين يتعرضون لكل أنواع الانتهاكات والتي لم تعد مقبولة أو محتمله ومنذ بدء الثوره.

إن البعض ممن يرفض أي نوع من استخدام السلاح يعيشون حقا ضربا من الخيال ومن اللاواقعيه والتي تضر بالحراك الثوري وتضعفه وربما تنتهي بإيقافه. وحجة البعض بأن التسلح (مهما كانت شروطه وتنظيمه) يعطي حجة للنظام لاستخدام المزيد من العنف فإني أود أن أطالبهم بأن ينظروا بعقولهم وبأعينهم وأن يسمعوا بآذانهم، أيضا، بأنه لا يمكن لهذا النظام المافيوي أن يستخدم من عنف أكثر مما فعل حتى الآن فماذا يخشون؟ هل هم ينتظرون، بعد كل ماحدث من فظائع من قبل أمن النظام وشبيحته، أن يُقتَل أحباؤهم أو يغتصبون أو يعذبون وهم يتفرجون، يبكون، ويصرخون فقط؟

 نحن لا نطالب بشن حرب عسكريه على النظام وإنما نطالب باستخدام السلاح بالشروط التي ذكرتها أعلاه. إن مقاومة عصابة كهذه تقتضي، وبشكل حتمي، استخدام السلاح في مرحلة أو أخرى ولنعلم أن كتائب الشبيحه والعصابات الأمنيه والتي ربطت مصيرها بهذا النظام لن تلقي السلاح ولن تستسلم بدون قوة السلاح وذلك في المرحلة الأخيره من سقوط النظام، على الأقل.

عاشت سوريا الأبيه، عاشت الثورة السوريه، ثورة الحريه والكرامه والمواطنه والمجد والخلود لثوارنا الأبرار.

د. الياس ورده، أستاذ جامعي وباحث في العلوم الفيزيائيه، جامعة باريس، فرنسا