من مقابلات مع معتقليين سابقيين لدى أجهزة المخابرات السورية أجرتها منظمة هيومان رايتس ووتش في الرقة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 18 mai 2013

أما عبد الله خليل، وهو مدافع عن حقوق الإنسان منذ فترة طويلة وهو حالياً رئيس المجلس المدني المحلي التابع للمعارضة بمحافظة الرقة، فقد تحدث إلى باحثي هيومن رايتس ووتش عن الفترة التي أمضاها رهن الاعتقال في مقر المخابرات العسكرية بالرقة. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي الأمن أوقفوه في 1 مايو/أيار 2011 واحتجزوه في المقر لمدة يوم قبل نقله إلى دير الزور. كان أبو جاسم مسؤولاً عنه بدوره في الرقة، على حد قوله، لكن خليل محامٍ وقد عامله المحققون معاملة أفضل من المحتجزين الآخرين في المقر:

في المساء بعد احتجازي بساعتين، بدأوا في استجوابي… أثناء الاستجواب كانوا يسألون أو يحاولون أن يسألوا عن علاقاتي بالمقاتلين، لكن لم يكن هذا الأمر حقيقياً، [إذ لم تربطني علاقات بهم]. أنا أعمل في الشق المدني، أعمل من منظور حقوق الإنسان، لكن كانوا يطرحون هذه الأسئلة لأنني كنت أدافع عن المحتجزين… [أثناء الاستجواب] كانوا لا يتعرضون لي بالضرب لكن هددوني بقولهم إنهم سينقلونني إلى دمشق أو يحتجزوني لفترة طويلة إن لم أعترف. عذبوا وضربوا محتجزين آخرين. كما نزعوا ثيابي تماماً. كان أسلوباً القصد منه الإهانة.

قال خليل إن ضباط الأمن السوريون أحالوه إلى 17 فرعاً للأمن في شتى أنحاء سوريا أثناء احتجازه. يعتقد أنه بينما لم تضربه القوات النظامية بسبب مكانته كمحامي على صلة بالمنظمات الدولية، فقد حاولوا تعذيبه نفسياً بكثرة التنقلات على هذه الشاكلة.

شملت اتهامات الحكومة المنسوبة إليه الاتهام بالاتصال بمنظمات حقوق إنسان أجنبية، منها هيومن رايتس ووتش، وكشف معلومات للمراسلين، ودعم الثورة، والدفاع عن السجناء، وتلقي الدعم المالي من خارج البلاد لهذا الغرض، وتشجيع الناس على قتل قوات الأمن وأفراد الجيش. أفرجت الحكومة عن خليل بموجب أمر عفو عام.

قال « سامح » إن دورية للمخابرات العسكرية في مدينة الرقة قبضت عليه في 16 مارس/آذار 2012، وكان في طريقه إلى العمل. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن أبو جاسم استجوبه وضربه واحتجزه في الحبس الانفرادي لمدة يوم قبل نقله إلى مقر الأمن الجنائي في الرقة:

[عندما وصلت إلى فرع المخابرات العسكرية]… وضعوني في الحبس الانفرادي. الزنزانة الانفرادي مساحتها 1.4 في 2.2 متراً. يمكنك رؤية الدم على جدران الزنزانة. يأتي حارس السجن ويفتح النافذة الخاصة بالزنزانة لمجرد أن يكيل لي الإهانات… حوالي الساعة 12 صباحاً أخذوني إلى الاستجواب. صعدت إلى أبو جاسم الذي سألني: « لماذا تساعد [المتظاهرين] الجرحى… هؤلاء إرهابيون ».

المعاملة [في الاستجواب كانت سيئة]… كنت مقيد اليدين، معصوب العينين… كنت أجلس على الأرض… في المرة الأولى كان هناك محقق واحد… بعد الاستجواب أخذوني إلى حجرة التعذيب في الأسفل، وكانوا يعذبون شخصين وقالوا: « هل تريد أن تعترف أم تريد أن تُعذب مثل هذين؟ » [كنت أرى] الدم ينزف من جسديهما وأرجلهم. كانوا على « بساط الريح ». قلت: « ليس عندي ما أقوله ». [ثم] مضيت إلى أبو جاسم [مرة أخرى] وقلت: « كنت أساعد الجرحى، هؤلاء ليسوا إرهابيين، بل أشخاص مقموعين »… أمضيت هناك 24 ساعة ثم أخذوني إلى الأمن الجنائي.

قال سامح إن القوات الحكومية احتجزته 32 يوماً قبل أن يدفع لهم عشرة آلاف ليرة (143 دولاراً) ليخرج بكفالة. لم يُعرض على قاضٍ قط.

أما « بلال » البالغ من العمر 22 عاماً فهو طالب جامعي بمدينة الرقة، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن ضباط المخابرات العسكرية احتجزوه في ديسمبر/كانون الأول 2011 بسبب مشاركته في المظاهرات السلمية وتوزيع المساعدات الإنسانية. قال إنهم احتجزوه في فرع الرقة يومين وخلال هذه المدة وضعوه في الحبس الانفرادي. قام أبو جاسم باستجوابه، واتهمه باتهامات على صلة بالإرهاب وتعرض له بالضرب:

ذهبت إلى المخابرات العسكرية. ذهب أبي ورائي إلى هناك طبعاً [بعد أن عرف أنني احتجزت من العمل]. أول شخص نجلس معه كان أبو جاسم… عندما رأيناه للمرة الأولى قال… « أخبر أبيك عن المتفجرات التي تخبئها ». لم أصدق أنني بصدد هذه الاتهامات: متفجرات وأسلحة! بدأ في اتهامات أكبر منّي، لم أسمع بها من قبل قط.

ضحكت على ما كان يقوله: كانت ضحكة بريئة. كانت ضحكتي الأخيرة في المخابرات العسكرية… [بعد ذلك]، أخذوني إلى الحبس الانفرادي. كانت السماء تمطر بالخارج، والطقس بارد، وكنت أشعر بالخوف الشديد… مكثت هناك نحو ساعتين في الحبس الانفرادي. ثم طرقت على الباب. كان الطقس بارداً. فتح أحد الحراس الباب وقلت له أريد بطانيات… جلب ماء وسكبه عليّ، ونزع حزامه وبدأ يضربني به. بعد ثلاثين دقيقة [من الضرب]، لم أعد أشعر بالبرد.

[بعد ذلك] مكثت في الزنزانة خمس ساعات تقريباً، وبعد خمس ساعات صعدت لأقابل أبو جاسم… كان يريد مني الاعتراف بالمتفجرات واتهامات أخرى… [لكن] أكبر شيء فعلته منذ بداية الثورة إلى الآن كان التظاهر ومساعدة الناس… في نهاية المطاف تحول إلى موضوع أخي… وفهمت أن هذه الاتهامات كانت لإخافتي حتى أعترف بسرعة [وأوفر معلومات عن شقيقي]… لم يستخدم [أبو جاسم] الكهرباء، هناك اقتصر الأمر على الصفعات والضرب.

بعد يومين، على حد قول بلال، أحالته المخابرات العسكرية إلى فرع الأمن الجنائي في الرقة حيث احتجز عشرة أيام وتعرض للتعذيب. قال إن مصعب أبو ركبة كان المسؤول عن هذا الفرع. قال إنهم احتجزوه إجمالاً 28 يوماً قبل إخلاء سبيله.