نصر الله ليس غبيا.. ونحن كذلك! – محمد كريشان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 11 juin 2013

بإمكان أي كان أن يتهمه بأي شيء إلا الغباء، أعداؤه والمفتونون به على حد سواء مجمعون على هذه النقطة على الأقل. ولأنه ليس كذلك، فالأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله أقر في خطابه الأخير بأن’ الغبي هو الذي يتفرج على الموت والحصار والمؤامرة تزحف دون أن يحاول مواجهتها’ ذلك أن ‘سوريا هي ظهر المقاومة وهي سند المقاومة، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي ويكشف ظهرها أو يكسر سندها. أقول هذا بصراحة وألا نكون أغبياء’.
ولأنه بالتأكيد ليس غبيا فهو ما كان له أن ينتظر أن تدور الدوائر على نظام بشار الأسد حتى يلتف الحبل على عنقه بعد أن يكون دق عنق حليفه. الكل بإمكانه أن يفهم ذلك بما فيهم إسرائيل التي تحفل تعليقات صحافتها هذه الأيام بعبارات من نوع أن حزب الله يخوض في سوريا حرب بقاء لأن سقوط الأسد سيجعله ليس فقط محروما من شريان الحياة الذي يمده بالسلاح من إيران وإنما أيضا في مواجهة متوقعة مع محيطه في الوطن وحوله.
كل ذلك صحيح فالحزب يدرك تماما، وهو ليس مخطئا على كل، أن ما يجري في سوريا بغض النظر عن حيثياته ووجاهته ومشروعية مطالب الناس في الكرامة والحرية لا يمكن في النهاية إلا أن يؤدي، إذا ما سقط نظام بشار الأسد، سوى إلى تلقي محور إيران سوريا حزب الله ضربة قاسية وقد تكون قاسمة. ولهذا قرر الحزب منذ البداية أن يدير ظهره للسوريين المظلومين والمقهورين وأن يصطف، بشكل تصاعدي، مع النظام سياسيا في البداية ثم عسكريا بشكل علني عندما شعر بأنه ‘يا روح ما بعدك روح’.
نصر الله، بهذا المعنى، لم يكن غبيا بالتأكيد لأنه اصطف مع من هو مدين له بالبقاء ومن سيصبح من بعده يتيما ذليلا. نحن أيضا لسنا أغبياء لكي لا نفهم ذلك، حتى وإن كان هناك من يردد، بمثالية جميلة، بأن مصلحة حزب الله مع شعب سوريا وليس نظامها. ولكن لا أدري لماذا يفترض زعيم حزب الله بأننا نحن الأغبياء حتى نقبل مبهورين بخياره هذا، المصلحي أو حتى الميكيافيلي، على أنه اصطفاف ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، والأدهى من الكل، على أنه اصطفاف من أجل فلسطين. نحن أيضا يا سيد حسن نصر الله لسنا أغبياء!!
قاتل مع من تشاء ودافع عمن تشاء وبرر كما تشاء انتقالك من القول إنك في سوريا للدفاع عن عائلات شيعية ومزارات دينية إلى الدفاع عن نظام إن سقط ضاعت معه فلسطين والضفة وغزة والجولان. أنت سيد نفسك فلتفعل ما يحلو لك… ولكن أرجوك أن تقدر أننا أيضا لسنا سذجا حتى نرى ما تريد لنا أن نراه، بغض النظر عما إذا كنت قلته صادقا أو كنت ضمن زمرة المتاجرين بقضية الشعب الفلسطيني الذين حفل بهم تاريخه المسكين طوال عقود.
النظام الذي تقاتل إلى جانبه لم يفعل شيئا لاستعادة أرضه المحتلة، ولا نقول فلسطين، وقتل من أبناء شعبه ومن الفلسطينيين واللبنانيين ما لا يقارن بمن قتل من الأعداء. أنتم أيضا أخذتكم الحمية إلى القصير وليس إلى مزارع شبعا التي لم نعد نسمع لها حسا. هذا النظام لو أبدى من البأس مع إسرائيل ما أبداه مع شعبه لكنا نتبختر الآن متنزهين في شوارع حيفا وما بعد حيفا. هل ما زلت تذكر هذه الجملة؟!! يوم قلتها كانت كل الأفئدة تهفو لكل حرف تقوله ولكنها اليوم ليست مستعدة أن تذهب معك إلى معركة ليست معركتها حتى وإن كنت تعدونها بالنصر.. وعلى من؟! وقتها أحبك العرب جميعا ولم ينظروا لا إلى مذهبك ولا إلى عمامتك السوداء ولا إلى تهمة موالاة طهران التي تلاحقكم كظلكم، لكن ليس معنى ذلك أنك قادر على أن تستهبلهم اليوم بالحديث عن المقاومة والممانعة وأنت تقف مع الظالمين، قاهري شعوبعم ومشرديه . الرجال تـُـعرف بالحق ولا يـُـعرف الحق بالرجال.. أتذكرون من قائل ذلك يا سيد حسن …إنه الإمام علي رضي الله عنه.