هل يحق للشعب السوري أن يلتجئ للأجنبي؟ – بسام القوتلي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 20 novembre 2011

بدأت الثورة السورية العظمى منذ أكثر من ثمانية أشهر بشكل سلمي و حافظت على طابعها السلمي العام إلى الأن ما عدا بعض الهجمات التي بدأ الجنود المنشقون بالقيام بها منذ فترة قريبة. جوبهت هذه الثورة بأبشع أنواع القمع و التعذيب و القتل و التدمير إلى حد تجاوز كل تصور و لكن الشعب السوري دفع بالضحية تلو الضحية بصبر يفوق ما هو إنساني

 و لكن مع إزدياد هذا القمع و إصرار هذا النظام على عدم التنازل لأي من المطالب الشعبية بدأت تنتشر المطالب بالحماية الدولية للمدنيين في سوريا. تزامن هذا مع قيام حلف الناتو بحماية المدنيين في ليبيا من بطش قوات القذافي و بدعم الثورة الليبية و إعطائها فرصة الإنتصار على نظام يشبه نظام الأسد إلى حد كبير

بدأت توجهات الشعب السوري تتغير تدريجياً و بعد أن كان رفض التدخل الأجنبي إحدى لائاتها المشهورة (لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي) بدأت الجماهير بالتنازل و بالمطالبة بدخول مراقبين دوليين ليشرفوا على وقف فعلي لإطلاق النار على المتظاهرين العزل ووقف للقمع. عندما لم يتحقق هذا المطلب و إستمر القمع بدأنا نرى الأن توجهات نحو عسكرة الثورة و خصوصاً في ظل إزدياد حركة الإنشقاق من الجيش النظامي و تشكيل الجيش السوري الحر. ما تزال الأغلبية من الشعب السوري تميل لخيار الإستمرار بسلمية الثورة و عدم السماح بالتدخل الخارجي و لكن هذه الأغلبية في إنحسار سريع نظراً للقتل اليومي الذي لا يحتمله منطق

في هذه الظروف بدأت الدعوات الواضحة لفرض منطقة عازلة يقيمها الطيران التركي في منطقة حدودية حتى يتمكن الجيش السوري الحر من التجمع و بدء عملياته العسكرية من أجل تحرير سوريا. و في نفس الوقت بدأت مجموعات مرتبطة بالنظام و مجموعات أخرى كان لها ماض وطني (مع التركيز على كان) و أخرى تمتهن التنظير السياسي بمهاجمة هذا التوجه و إتهام الثورة السورية بأنها تحاول تخريب سوريا و تسليمها للغرباء و الأعداء

لا نستغرب هذا الموقف من المجموعات المؤيدة للنظام و لكننا نستغربه من المجموعات الأخرى التي تبني خطابها على أساس حرصها على مستقبل سوريا. و السؤال هنا عن أي مستقبل لسوريا التي يقتل أحرارها يتحدثون؟ هل هي سوريا الأسد و لا أحد غير الأسد؟ أم أنها ما يسمونه سوريا المقاومة التي لا ترتبط بأذهانهم إلا بشعب ذليل؟ أستغرب منهم أنهم لا يهبون إلى نجدة الشعب السوري و لا يتخذون أي مواقف شجاعة للوقوف في وجه القاتل و لكنهم يتسارعون لإنتقاد الضحية عندما تصرخ بطلب المساعدة

هذا المشهد مشابه لمشهد فتاة تغتصب في الساحة العامة  بينما يقف أقربائها حولها يراقبون المشهد بإهتمام و يحللون الحدث و يتناقشون في مسبباته و يختلفون على الحلول و قد يكون بعضهم يستمتع بالمشهد و يرضي به شبقه الجنسي. يمر غريب في هذه الساحة فتلجأ له هذه الفتاة, و فجأة تتعالى صرخات الشرف و تسحب الخناجر لقتل الفتاة التي أخلت بشرف العائلة عندما طلبت المساعدة من شخص غريب و هي نصف عارية. و إن حصل منها هذا الغريب على قبلة بعد إنقاذها فعندها لن تكون في نظرهم أكثر من زانية إفتعلت كل هذا الموقف من أجل أن تحظى بهذه القبلة. يتكرر هذا المشهد في مجتمعاتنا في أوقات و حالات مختلفة و لكن العبرة هي نفسها: لن يعترف تجار الشرف بإنسانية الإنسان و حقه في الحياة. الإنسان عندهم ليس أكثر من موضوع نقاش في المقاهي السياسية و صالونات مناقشة الكتب

 إن كان هؤلاء فعلاً حريصون على سوريا الشعب فهذا الشعب يرحب بهم, إن قرروا الوقوف في صفوفه ضد هذا النظام الدموي و عندها قد لا نكون بحاجة لتدخل أجنبي و إن كانوا لا يستطيعون الوقوف فنحن نرجوهم على الأقل أن يتوقفوا عن إتهام الضحية بالإخلال بشرفهم

نشر في جريدة القلم 18/11/2011

https://www.facebook.com/notes/bassam-al-kuwatli/هل-يحق-للشعب-السوري-أن-يلتجئ-للأجنبي/10150961724345529