الانتفاضات العربية بين الثورة والثورة المضادة مع جلبير أشقر – عمر الأسعد

Article  •  Publié sur Souria Houria le 27 janvier 2015

Photo_عمر الأسعد

اللقاء السابع ضمن سلسلة اللقاءات الدورية التي تنظمها جمعية سورية حرية ويديرها الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك كان مع المفكر والباحث اللبناني جلبير أشقر وتحت عنوان : الانتفاضة العربية بين الثورة والثورة المضادة

تحدث أشقر بداية عما سماه الشرارة الثورية التي انطلقت من تونس لتشمل عدداً من الدول العربية، واعتبر أن هذه الانتفاضات أتت نتيجة ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية متقاربة ومتشابهة بين مختلف الدول العربية، والتي عايشت حالة من انسداد الأفق السياسي، فاقمتها إشكالية التوريث وما أنتجته من أزمات في عدد من الدول. ما أعطى مسببات مشتركة لقيام الثورات الطامحة إلى تبديل الأوضاع القائمة

واعتبر أشقر أن أول القوى المضادة لهذه الثورات كانت « الدولة العميقة » وسلطتها العسكرية، وضرب المثال بالدور الذي لعبته هذه السلطة في الثورة المصرية سواء قبل سقوط مبارك، أو استلامها للحكم من بعده من خلال المجلس العسكري، ومن ثم دورها في الإطاحة بمحمد مرسي ووصول السيسي لحكم مصر. كذلك نوه إلى غياب القوى السياسية الثورية المنظمة عن الساحة السياسية وهو ما ساهم في الانتكاسات الثورية، مع أخذه بعين الاعتبار تنظيم الحركة العمالية في تونس والذي ساهم وبشكل أساسي في إنقاذ البلاد من الوصول إلى أوضاع مشابهة للوضع المصري ، معتبراً أن هذه النقطة بالتحديد هي نقطة تفوق تونسية على حساب باقي الدول التي ضربتها موجة الانتفاضات وبالتحديد مصر الدولة الأكبر

أما فيما يخص الشأن السوري فاعتبر أشقر أن الثورة التي انطلقت بشكل سلمي لم تستطع استكمال هذا المسار حتى النهاية نتيجة العنف الوحشي الذي واجهها به النظام السوري، رغم أن الثورة في سوريا انفجرت لنفس الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أطلقت موجة الربيع العربي في الدول الأخرى، منوهاً بالدور الذي لعبته القوى الشبابية والجيل الشاب في بدايات هذا الحراك، من خلال استفادتها من وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة في تنسيق أعمال الانتفاضة ونشاطاتها وتغطيتها إعلامياً

وعزا الوضع القائم في سوريا اليوم والحال الذي وصلت إليه الثورة بغياب القوى التقدمية المنظمة والقادرة على قيادة المسار الثوري على المدى الطويل عن ساحة الفعل السياسي، مضاف إليه تنصيب قوى المعارضة الخارجية نفسها لقيادة الحراك وتحييد دور الجيل الشاب، والذي اعتبر أشقر أنه ارتكب خطأ في تحالفه مع هذه القوى وتسليمه قيادة العملية السياسية لها. كذلك نوه إلى الخطأ الذي ارتكبته القوى التقدمية عموماً بتحالفها مع الأخوان المسلمين وقطر، مما فسح المجال للقوى السياسية الرجعية في احتلال المشهد وتمتين وجودها عى الأرض مستندة إلى موقفها الطائفي من النظام، وهو بدوره ساهم في تعزيز حضورها ووجودها كمنافس له على الساحة السورية، وفي المقابل غيب دور المعارضة الديمقراطية ضمن عملية ممنهجة من النظام لتشويه صورة الثورة وقوى المعارضة السياسية الديمقراطية والتقدمية

إلى ذلك أكد أشقر على أن ما يحصل في سوريا هو المثال الأوضح على شدة تمسك الأنظمة العربية بالسلطة، وعدم تسليمها الأمور بالسهولة التي توقعها الجمهور العام بعد تنحي بن علي ومبارك، منوهاً بخطر الدولة العميقة في سوريا والمتمثل في الجيش الذي تسيطر عليه العائلة التي أوصلت سوريا إلى نظام توريث جمهوري، لكنه في ذات الوقت شدد على أهمية بناء تحالف من القوى الثورية والتقدمية تستطيع أخذ موقف واضح وعلى مسافة واحدة من النظام ومن القوى الرجعية الدينية، معتبراً أن هذا ما يمكن أن يعدل ميزان القوى، كما اعتبر أشقر أن الانتكاسات التي تتعرض لها ثورات الربيع العربي لا تنفي عنها سيرورة الفعل الثوري والذي يحتاج لعقود طويلة حتى يستطيع أن ينتج نظاماً سياسياً مسقراً، مستشهداً بأمثلة الثورتين الفرنسية والانكليزية والتي مرت بأطوار متقلبة حتى استطاعت أن ترسي نظامها السياسي المستقر لكن هذا لم ينفي استمرارية سيرورتها الثورية أبداً وهو ما تشهده دول الربيع العربي حالياً