تقرير حول مجازر حماه في شباط ١٩٨٢ (الجزء الأول) – آرام الدمشقي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 19 janvier 2013

(إن ما حصل في مدينة حماة قد حصل وانتهى)

من خطاب حافظ الأسد أمام مجلس

 الشعب في 8 آذار 1982

أولاً: في المقدمـــات:

1-    لم تكن الأحداث التي عصفت بمدينة حماه ذلك العام هي الأولى من نوعها بعد انقلاب الثامن من آذار 1963، فلقد عاشت المدينة أحداثاً مشابهة في شهر نيسان من العام 1964، لكن على نطاق أضيق وحصيلة من الضحايا والدمار أقل.

حيث شهدت إضراباً عاماً ومظاهرات حاشدة، مع غيرها من المدن السورية، احتجاجاً على تطبيق قانون الطوارئ ومطالبة بعودة الحياة الديموقراطية بعد انقلاب الثامن من آذار، لكنها اتخذت في حماه طابعاً إسلامياً أوضح من غيرها من المدن.

جوبهت الاحتجاجات بقمع شديد ونزل الجيش إلى شوارع المدينة بعد قيامه بقصفها.

وقد ألمح أكرم الحوراني في مذكراته إلى دور مبهم للجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلياهو كوهين (كامل أمين ثابت) في تلك الأحداث، بحكم قربه آنذاك من رجالات النظام الحاكم بدمشق، إذ يقول:

(…لقد كانت الحجج التي تذرع بها الضباط للانتقام من مدينة حماه حججاً مفضوحة ومشبوهة، ولا أظن أن الجاسوس كوهين كان بعيدا عن الإثارة الطائفية بين هؤلاء الضباط…).

 

2-    تمثل الاحتكاك الثاني بين الطرفين بأحداث أخرى وقعت في العام 1973 عندما خرج أهل المدينة في مظاهرات حاشدة اعتراضاً على مسودة الدستور الدائم الذي تم وضعه للبلاد، من حيث عدم تضمنه للمادة التي اشتمل عليها دستور العام 1950، تلك التي قضت بأن يدين رئيس الجمهورية بدين الإسلام، مما ألزم القيادة السورية آنذاك بإعادة إضافتها للدستور وأشيع وقتها بأن الرئيس الراحل حافظ الأسد، تحت وطأة تلك الأحداث، اضطر لإشهار إسلامه على يد المفتي العام للجمهورية بغرض شرعنة انتخابه.

 

إلى هذا يمكن، بشكل عام، اعتبار أحداث عامي 1964 و 1973 بمثابة توطئة تاريخية ونفسية لأحداث العام 1982 من حيث أنها وسمت علاقة النظام بالمدينة، والعكس بالعكس.

ثانياً: في الأسباب المباشرة لاندلاع الأحداث:

1-    جاءت تلك الأحداث كخاتمة لصراعٍ عنيفٍ بين نظام الرئيس السوري حافظ الأسد وجماعة الإخوان المسلمين التي كانت في تلك الفترة من أقوى وأنشط قوى المعارضة في البلاد، حيث اتهم النظام حينها جماعة الإخوان بتسليح عدد من كوادرها (تنظيم الطليعة) وتنفيذ اغتيالات وأعمال عنف في سوريا من بينها قتل مجموعة من طلاب مدرسة المدفعية في حزيران 1979 في مدينة حلب شمال سوريا، ورغم نفي الإخوان لتلك التهم وتبرّئهم من أحداث مدرسة المدفعية فإن نظام حافظ الأسد حظر الجماعة بعد ذلك وشن حملة تصفية واسعة في صفوفها، وأصدر القانون 49 عام 1980 الذي يعاقب بالإعدام كل من ينتمي إليها.

2-    تمكن النظام السوري من تصفية معظم كوادر الجماعة في كافة المدن السورية التي كانوا ينشطون بها، سواء بالقتل أو بالاعتقال أو بالهروب خارج البلاد، وباتت مدينة حماه ملاذاً أخيراً للمتبقين منهم حيث لجأت إليها تلك الكوادر بعد أن فقدت قدرتها على الحركة والتمركز والنشاط في باقي المدن.

 

3-    اختلفت التقديرات حول عديد كوادر تنظيم الطليعة المقاتلة التي تحصنت في المدينة، فقد تراوحت ما بين مائتي مقاتل ولم تزد على ثلاثمائة وخمسين.

ثالثاً: في القوات المشاركة في المجزرة:

بدأت المجزرة في اليوم الثاني من شهر شباط 1982 واستمرت سبعاً وعشرين يوماً.

قاد الحملة العقيد رفعت الأسد الشقيق الأصغر للرئيس السوري حافظ الأسد والذي عـُيـّن قبل المجزرة بشهرين مسؤولاً عن الحكم العرفي في مناطق وسط سوريا وشمالها ووضعت تحت إمرته قوة تضم 12 ألف عسكري مدربين تدريباً خاصاً على حرب المدن، وتوزعت القوات المشاركة في عملية الاقتحام على الشكل التالي :

1-    سرايا الدفاع

2-    اللواء السريع الحركة التابع لسرايا الدفاع بقيادة علي ديب

3-    اللواء 47 دبابات

4-    اللواء الميكانيكي 21

5-    فوج الإنزال الجوي 21 (قوات خاصة)

6-    عدة كتائب تابعة لسرايا الصراع بقيادة عدنان الأسد

7-    عناصر مختلطة من مختلف أجهزة الأمن والمخابرات

8-    فصائل حزبية مسلحة

9-    حوصرت المدينة من الخارج حصاراً مطبقاً من قبل الفرقة الثالثة المدرعة في الجيش السوري.

مُنحت هذه القوات العسكرية كامل الصلاحيات لضرب المعارضة وتأديب المتعاطفين معها، ولتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية فرضت السلطات تعتيماً على الأخبار، وقطعت طرق المواصلات التي كانت تؤدي إلى المدينة، ولم تسمح لأحد بالدخول إليها ولا بالخروج منها.

رابعاً: فــي الوقـائـع:

1-    البداية: الثلاثاء الثاني من شباط: سرايا الدفاع (جيش النظام الطائفي) المدرّب على عمليات الاقتحام والقمع داخل المدن فقط، والمتمتع بامتيازات مادية هائلة يعود إلى المدينة مساء ذلك اليوم. تلك الليلة السوداء كانت البداية الفعلية التي استمرت بعد ذلك شهراً كاملاً، ضجت المدينة بأصوات الرصاص والمدافع والقاذفات بدءاً من الساعة التاسعة ليلاً.. سرايا الدفاع مع قوات مكثفة من الجيش النظامي والمرابط هو الآخر على أطراف المدينة تحاصر منزلاً في حي (البارودية) وتشتبه بأنه مركز للمعارضة ضد النظام. تلك الليلة كانت البداية الفعلية للمجزرة. السلطة الحاكمة عمدت إلى إغلاق كل مخارج المدينة، وعزلتها عن العالم الخارجي، ورافق ذلك انقطاع الكهرباء، ومعظم أجهزة الهاتف، وغرقت المدينة منذ ليلة الثلاثاء في ظلام طويل.

2-   الأربعاء الثالث من شباط: المدينة تحت الحصار الكامل مكممة ومطوقة، ألوف الناس داخل البيوت المستسلمة الآمنة، وقد أطبق عليهم الجحيم رجالاً ونساء وأطفالاً. السلطة الحاكمة بجيوشها الجرارة تدخل من كل أطراف المدينة. . لقد حانت الساعة.. وها هي جهنم تبدأ بابتلاع المدينة الشهيرة. منذ صباح هذا اليوم استطاعت كتائب الجيش التابع للسلطة، والقابع على أطراف المدينة منذ سنوات أن تضع يدها على كل شارع وكل زقاق، وكل بيت. لقد استطعنا نحن المحاصرين – ومن شقوق النوافذ المغلقة أن نرى أرتال الجيش الزاحف والراجل والراكب.. عشرات الألوف من الجند – وبأشكال متنوعة من اللباس..

حيَّ (الحاضر) بشوارعه وأزقته الضيقة، كان فيه بعض جيوب المقاومة الوطنية، وقد حانت الفرصة التي انتظرتها السلطة طويلاً، فحملت راجمات الصواريخ إلى أعالي الأبنية المتواجدة في ساحة العاصي، مقابل سراي الحكومة، بحيث تصبح منطقة (الحاضر) مكشوفة تماماً، ومن هناك بدأت عملية دك المدينة.

كانت الصواريخ تنقض بمعدل عشرة أو أكثر في الدقيقة الواحدة، ومع كل صاروخ تخرّ البيوت القديمة على ساكنيها من الرجال والأطفال والنساء. كان (الحاضر) بأكمله يشتعل ببيوته وأزقته وسكانه الذين يتجاوز تعدادهم مئة ألف مواطن، من استطاع منهم الهرب باتجاه القرى الشمالية فقد أسرع تاركاً ركام البيت، وجثث الأعزاء، ومن لم يستطع، انهار البيت عليه، أو احترق وهو فيه.

حتى هذه اللحظة.. لا يستطيع أحد أن يعطي إحصاءً دقيقاً لخسائر هذه المنطقة القديمة، فهناك عائلات أبيدت بأكملها، وذهبت تحت الركام أو احترقت.

هناك بيوت اختلطت على بعضها بأكوام هائلة من التراب والأحجار.. بحيث بات يصعب حتى تقدير عدد المنازل المتهدمة، فضلاً عن جرفها نهائياً بعد ذلك، وتحويلها إلى ساحات ترابية هائلة.

باختصار، كان هذا الحي القديم منذ يوم الأربعاء، سحابة كثيفة من الغبار الأسود المختلط بتراب الحجارة المنهارة، ودخان الحرائق المتصاعدة من معظم الأمكنة.. كان (الحاضر) يحترق بأكمله، وينهار بأكمله، ويموت بأكمله.

لذلك، مهما كذبت السلطة في تضخيم ما يمكن وجوده من أشكال المقاومة العنيفة داخل الحي القديم، لتبرر ضربها للمدينة، فإنه يبقى فضيحة معلنة.. لأن الحي القديم كان يشتعل من كل جوانبه بصواريخ السلطة منذ اليوم الأول، ولا مجال من الناحية المنطقية لحدوث مقاومة مؤثرة على النحو الذي صوره النظام.

إذا تركنا (الحاضر) المحترق وتلفتنا نحو الجانب الآخر من النهر، نجد أمامنا المنطقة الأخرى وهي (منطقة السوق) عصب المدينة التجاري.. وحيث تقع أهم وأكبر الأسواق.

في هذا الجانب من حماة كان القصف أخف وطأة تناول بصورة رئيسة الأحياء المحيطة بالقلعة.. مع قذائف صاروخية عشوائية تنهال من كل المرتفعات، وتقع دون تحديد على أي حي أو بيت.

هذا اليوم لم تنجُ معظم البيوت في الشوارع الرئيسة من زيارات صاروخية كانت تلتهم سقفاً أو حائطاً بلمح البصر.

في هذا اليوم أيضاً بدأنا نرى شيئاً هاماً.. لقد عمدت السلطة إلى أسلوب الانتشار الكثيف، فتركت الجنود من سرايا دفاع ووحدات خاصة وجيش نظامي يملئون الشوارع والأزقة، حيث استتب الأمر كاملاً في منطقة السوق، بعد سقوط القلعة.

كان الجنود يقرعون الأبواب، ويطلبون الطعام.. وفعلاً قدّمت لهم كثير من البيوت الطعام والشراب والأغطية.. أحد الجنود كشف عن الحقيقة حين قال لإحدى النسوة: (لقد تركنا الضباط دون طعام أو شراب) قالوا لنا (المدينة مفتوحة وهي لكم بكل ما فيها) معظم الجنود لم يتعبوا طويلاً.. كانت مخازن الأسواق ملأى بكل احتياجاتهم.. وفعلاً.. فتحت من مساء ذلك اليوم مخازن المدينة بكاملها، وبدأ النهب الفعلي المنظم والذي سيستمر طوال اليوم التالي أيضاً.. قبل الانتقال إلى عمليات الإبادة، وحتى يمارس الجنود عملهم القادم براحة ونشاط، وبعد أن يكونوا قد حصلوا على غنائم لا تصدق..

جنود كثر.. ممن تواجدوا داخل الأحياء، وعلى مسافة من الأسواق، كانوا ضيوفاً على كل البيوت.

نعم.. حماة المدينة الصابرة قدّمت يوم الأربعاء بل كلّ يوم تقريباً الطعام والشراب والشاي والأغطية للجنود الذين قتلوها.

3-    الخميس: الرابع من شباط: لا يزال القصف المجنون الذي بدأ منذ منتصف الليل وما يرافقه من موت عبثي محتم.. هو سيد الموقف. منطقة السوق الآهلة بالسكان، بل المكتظة بهم، ستكون بعد قليل مسرحاً لأكبر مشروع من مشاريع حمامات الدم عرفه التاريخ. لكن هذا اليوم.. سيكون بالنسبة لجنود السرايا والوحدات يوم الغنيمة الكبرى. لقد فتحوا منذ البارحة بعض الأسواق واليوم يطبقون عليها كلياً، فلا تسلم دكان واحدة، وبدأت عملية النهب المنظم.

تركزت السرقات أولاً على الأموال المودعة داخل المخازن.. في الصناديق الحديدية، أو في حفر مخفية داخل الجدران، يستطيع الجنود الاهتداء إليها جيداً.. بأيديهم وأنوفهم المدربة، وحتى دوائر الدولة، فقد تم فتحها بكاملها.. وسرقت كل الأموال المودعة داخلها.. (بعض هذه الأموال كانت رواتب الموظفين البسطاء عن شهر شباط التي لم يتم قبضها كلها بعد).

وحتى سراي الحكومة لم يسلم من التخريب والتدمير والسرقات.. لقد حوله الجنود عن عمد إلى مستودع للقاذورات والنفايات.

المحاكم داخل السراي.. مع دوائر السجلات المدنية والعقارية، تحوّلت هي الأخرى، بفضل السواعد (الحضارية الجديدة) إلى صناديق قمامة، فيها آلاف الأوراق الممزقة والمرمية داخل الغرف وفي الممرات وفي الحديقة الخلفية.. كان الجنود وهم يبحثون عن الصناديق الحديدية والأموال المودعة داخلها، يمزّقون كل شيء، ولا يبقون على شيء.

وقد باتت مدينة حماة اليوم بدون وثائق ومستندات تضبط الملكية أو العلاقات بين السكان.

وفعلاً استطاع الجنود والضباط، بعد أن وضعوا أيديهم على كل الأموال المودعة في الأسواق ودوائر الدولة، أن يحصلوا على غنائم حقيقية توزعوها فيما بينهم.

يروي شهود عيان.. أن الجنود حين سرقوا سوق الخضار.. أخذوا الأوراق النقدية من فئة المائة ليرة أو الخمسين.. وكانت بكميات كبيرة.. أما الأوراق النقدية ذات الليرة الواحدة فكانوا يقذفونها على الأرض، ويدوسونها بأحذيتهم.. لأن جيوبهم لم تعد تتسع.

ويقول شهود العيان من مدينة حمص: إن الجنود كانوا يقايضون المائة وعشرين ورقة نقدية من فئة الليرة الواحدة بورقة نقدية واحدة من فئة المائة، ويجبرون التجار في حمص على هذه المقايضة، حتى يسهل عليهم حمل النقود إلى بيوتهم أو قراهم.

وهكذا فإن يوم الخميس كان يوم النهب.. وكان جيش السلطة الطائفية مشغولاً بحصر الغنائم وتوزيعها.

لكن الأمر لم ينته في الأسواق عند هذا الحد.. لابد بعد ذلك من تغطية السرقات.. ولتحقيق هذا الغرض.. أمر الضباط المكلفون جميع الجنود بحرق الحوانيت بالقنابل الحارقة.. وفعلاً وخلال ساعات تحولت جميع الأسواق إلى فوّهات سوداء.

أما البضائع فكانت مرمية على الأرصفة، يدوسها الجنود بأرجلهم، يحملون منها ما استطاعوا، ويتركون الباقي لجولات قادمة.

يقول شهود العيان: كان الجنود هذا اليوم مشغولين جداً.. وكانت البضائع تتكدس في الشوارع، ثم تأتي السيارات العسكرية فتحمل ما استطاعت منها، أما ما تبقى، فيُحمل غالباً إلى عيادات الأطباء الفارغة، أو الدوائر الحكومية المستباحة، لتتحول هذه وتلك إلى مخازن لتجميع المسروقات.

4-    الجمعة: الخامس من شباط: يلاحظ سكان المدينة أن أعداداً إضافية من الجنود أخذت تفد على المدينة من فجر هذا اليوم. كانت الدبابات تهدر فوق الشوارع الإسفلتية، ترافقها أصوات الطائرات المروحيّة التي لم ينقطع صعودها أو هبوطها.. ومظهر الجيش على هذه الكثافة أخذ يطرح أمامنا ألف سؤال عن طبيعة مهمته القادمة.. كان معظم الجنود يرتدون الدروع الواقية، وبعض الجنود ارتدوا أقنعة بيضاء على وجوههم.

كما لفتت الأنظار كتائب مميزة تعتلي سيارات مصفحة سريعة وصغيرة الحجم، وكانت تضع هي الأخرى الدروع والأقنعة البيضاء.. وعرفنا فيما بعد.. أن هذه تسمى (كتائب الشطب) وأنها تتلقى الأوامر مباشرة من القيادة العليا لسرايا الدفاع.

وهكذا تدخل المدينة حمام الدم.. وفي تلك اللحظات الرهيبة من صباح هذا اليوم.. كانت السكاكين فوق أعناق الجميع ودون استثناء.

ظهر الجمعة: ينهمر وابل الصواريخ بجنون على منطقة السوق.. إنه الإنذار ببدء عمليات الذبح. أدى إطلاق الصواريخ إلى تهديم عدد جديد من البيوت، مما دفع بعض الناس إلى الهرب والتجمع في بعض الأقبية القديمة.

تجمعات الأهالي المذعورين سهّلت على كتائب الشطب المهمة.. فكانوا يدخلون الأقبية ويعدمون الجميع على الفور.

في هذا اليوم بدأت عمليات الإعدام الجماعي بصورة فعلية.

5-    مجزرة حي حماة الجديدة: أقدمت قوات سرايا الدفاع التابعة للنظام السوري في اليوم الثالث من اجتياح مدينة حماة (4 شباط 1982) على جمع سكان حي  « حماة الجديدة « في الملعب البلدي وأطلقت نيران الرشاشات عليهم ثم تمت مداهمة البيوت وقتل من فيها دون تمييز وتم سلب ونهب الممتلكات، وتقدر بعض المصادر ضحايا مجزرة الحي بحوالي 1500.

6-    مجزرة حي سوق الشجرة: شهد اليوم الخامس من المجزرة قصف حي « سوق الشجرة  » بشدة واجتاحت قوات النظام السوري الحي وأطلقت النيران على الشباب والشيوخ في الشوارع ولاحقت من لجؤوا إلى المساجد فأجهزت عليهم وقُدر عدد الضحايا بحوالي 160 قتيلاً. كما قتلت عناصر الأمن والجيش السوري أفراد أسر آل علوان وحمود كوجان وآل أبو سن رجالهم ونساءهم وأطفالهم، بعضهم رميا بالرصاص وبعضهم طعنا بالسكاكين وتوفي بعضهم تحت الأنقاض جراء القصف وتفجير البيوت بالديناميت. كما أقدمت قوات النظام في اليوم ذاته على قتل ما يزيد عن 70 مواطنا بينهم نساء وأطفال بعد حشرهم في دكان الحلبية لبيع الحبوب وأضرمت النيران في الدكان لتقضي على من بقي منهم على قيد الحياة حرقا.

7-    مجزرة حي البياض: وفي « حي البياض  » وأمام مسجد الشيخ محمد الحامد ونظرا لعدم اتساع ناقلات المعتقلين لعدد إضافي منهم قتلت قوات النظام 50 منهم وألقت بجثثهم في حوض تتجمع فيه مخلفات مصنع بلاط تعود ملكيته للمواطن عبد الكريم الصغير.

8-    مجزرة سوق الطويل: وقعت مجزرة  « سوق الطويل »  في اليوم السابع من الاجتياح حيث قتلت قوات الأمن 30 شابا على سطح السوق، كما قتلت السلطة الشيخ عبد الله الحلاق البالغ من العمر 72 عاما أمام بيته ونهبت ممتلكاته. وأيضا أطلقت قوات الأمن النار على 35 مواطنا، بعد أن نهبت نقودهم وساعات الأيدي، وتم حشرهم في دكان عبد الرازق الريس للمواد المنزلية فقتلوا جميعا إلا حدثين يبلغان من العمر 13 عاما تمكنا من الفرار من خلال سقيفة الدكان.

9-    مجزرة حي الدباغة: قامت مجموعة من سرايا الدفاع في نفس اليوم بقتل 25 مواطنا من  « حي الدباغة »  بعد أن وضعتهم في قبو فيه منشرة للأخشاب ثم قاموا بإحراق المنشرة. وقُتل ضمن أحداث هذا اليوم خمسة أفراد من آل بدر، وقتل المواطن زياد عبد الرازق وزوجته وابنه البالغ من العمر عامين. كما قتل من آل عدي الأب وثلاثة أبناء، وقتل آل دبور في حي « الدباغة »، وقتل المواطن محمد مغيزيل وأولاده مع أنه من الكتائب الحزبية (البعثية) المسلحة.

10- مجزرة حي الباشورة: في  « حي الباشورة »  قضت السلطات على آل محمد فهمي الدباغ وقد بلغوا 11 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 58 عاما (الأب) وست سنوات (أصغر الأبناء). ولقيت السيدة حياة جميل الأمين وأولادها الثلاثة الذي لم يتجاوز أكبرهم الحادي عشر ربيعا نفس المصير، وقد قام عناصر الأمن بقطع يدي السيدة حياة وسلب حليها. ثم توجهت عناصر قوت النظام إلى حيث يسكن آل موسى في نفس الحي والبالغ عددهم واحد وعشرون قتلوا جميعا بما في ذلك رضيع لم يبلغ السنة ونصف. كما لقي آل القاسية وآل صبحي العظم من نفس الحي المصير ذاته حيث قتلت عناصر النظام زوجة المرحوم صبحي العظم البالغة من العمر ثمانون عاما وابنه البالغ من العمر 60 عاما. كما أطلقوا الرصاص على تسعة وثلاثين سيدة وأطفالهن مع ثلاثة رجال من آل مشنوق في نفس الحي ولم ينج منهم إلا السيدة انتصار الصابوني.
ووقعت في نفس اليوم مجزرة آل الصمام في « حي الباشورة » والتي راح ضحيتها سبعة عشر شخصا بينهم أطفال ونساء ونجا منهم أربعة. ومن المجازر التي ارتكبت في حي « الباشورة » مجزرة عائلة الكيلاني وراح ضحيتها أربعة، ومجزرة مسجد الخانكان ومجزرة أبو علي طنيش وآل تركماني ومجزرة الثانوية الشرعية وراح ضحية هذه المجازر ما يزيد عن ستين شخصا بينهم أطفال ونساء.
في اليوم التاسع من المجزرة دهست دبابات النظام مواطنين فروا من النيران عرف منهم صالح عبد القادر الكيلاني (52 عاما) و فواز صالح الكيلاني (21 عاما(.

11- مجزرة حي الشمالية: تفيد المعلومات أن مئات المواطنين العزّل قتلوا في حي « الشمالية » في اليوم الرابع عشر من المجزرة بعد أن لجؤوا إلى أقبية البيوت للاحتماء من بطش قوات النظام. ومن أبرز المجازر التي وقعت في هذا الحي مجزرة آل الزكار ومجزرة زقاق آل كامل ومجزرة آل عصفور.

12- مجزرة حي الشرقية: في اليوم السابع عشر جمعت قوات السلطة من بقي من أهل حي « الشرقية » وجردوا الرجال من ملابسهم في البرد الشديد ثم حشروا الجميع في مسجد وفجّروه بهم فقتلوا جميعا.

13- مجزرة حي البارودية: في اليوم الثاني والعشرين جمعت السلطات ما يزيد عن 25 من آل شيخ عثمان وذلك في حي « البارودية » وقتلتهم، وذهب ضمن هذه المجزرة أسرة محمد الشيخ عثمان حيث تشير المعلومات أن عناصر السلطة بقروا بطن زوجته الحامل وقتلوا الأطفال السبعة وأضرموا النار في البيت.

14- مجزرة الجامع الجديد: أما مجزرة الجامع الجديد فقد وقعت في اليوم الخامس والعشرين حيث ساقت قوات النظام 16 مواطنا من حي « القراية » لغرض نقل أمتعة منهوبة من البيوت والمحال وبعد أن قاموا بذلك نقلوا إلى المسجد الجديد بحي « المرابط » وأطلقوا عليهم الرصاص.

15- مجزرة مقبرة سريحين: تعتبر مجزرة « مقبرة سريحين » أبشع المجازر الجماعية التي وقعت في حماة خلال أحداث شباط (1982) حيث ذهب ضحيتها أعداد كبيرة من المدنيين من الرجال والنساء والأطفال، لم تعرف أعدادهم بالتحديد ولا أسماؤهم جميعا. فقد قامت قوات النظام بإحضار المئات من سكان المدينة على دفعات وأطلقت النار عليهم وألقت بجثثهم في خندق كبير. وبحسب شهادة أحد الناجين كان ضمن فوج ضم المئات وعند وصولهم إلى المكان وجدوا مئات الأحذية على الأرض وأكواماً من الجثث في الخندق. ويروي الناجي أن قسما منهم أُنزلوا إلى الخندق وآخرون تُرِكوا على حافته وأطلقت قوات النظام النار على الجميع فلم ينج منهم إلا بضعة أشخاص.

 

…. يتبع في الجزء الثاني