سياسة إيران الإقليمية بين السياسة والدين – عمر الأسعد

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 octobre 2014

Photo_عمر الأسعد

سياسة إيران الإقليمية بين السياسة والدين

ندوة الأحد مع الكاتب والباحث برنار أوركاد ووزير الخارجية الإيراني السابق أحمد سالامتيان

عمر الأسعد

تحت عنوان السياسية الإيرانية الإقليمية بين السياسة والدين، استضافت جمعية سوريا حرية ضمن اللقاء الدوري الذي تنظمه شهرياً، والذي يديره الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك، كل من الباحث الفرنسي برنار أوركاد وهو باحث وعالم جغرافيا، وشغل منصب المدير السابق للمعهد الفرنسي للأبحاث في إيران 1978حتى 1993 ، وأحمد سالامتيان وزير الخارجية الإيرانية السابق عام 1980، والنائب عن مدينة أصفهان، والمقيم بوصفه لاجئ سياسي في فرنسا منذ العام 1981، وصاحب كتاب « الثورة الخضراء » بالمشاركة مع سارة دانييل المنشور عام 2010

افتتح مردم بك الحوار بتقديم ضيوف الندوة، متطرقاً لموضوعها الأساسي حول السياسات الإقليمية لإيران، واستغلال العامل الديني في السياسة الخارجية، وأثر هذا في العالم العربي، منوهاً بثقل الحضور الإيراني بوصفها دولة ذات دور كبير ولاعب أساسي في رسم سياسات المنطقة، حملت سياساتها اتجاه المنطقة العربية نزعة امبراطورية وهو ما يتضح من موقفها في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن، واستغلالها أجواء الانقسام الديني في المشرق العربي

بدوره تحدث الباحث برنار أوركاد عن صور المجازر القادمة من الشرق الأوسط، واستغلال البعد الديني في الصراع على خلفية الانقسام السني الشيعي، متحدثاً عن دور العامل القومي أيضاً في توجيه السياسة الإيرانية في المنطقة العربية، مضافاً للعامل الديني الذي دفع النظام الإيراني لاتخاذ المواقف المعروفة بالنسبة لقضايا كل من سوريا والعراق على سبيل المثال

كذلك تطرق أوركاد في حديثه إلى الخطاب الذي تصدره إيران سواء للداخل أو للخارج، بوصفها أول من طردت السفارة الإسرائيلية في طهران لتحل مكانها منظمة التحرير الفلسطينية، ودعوات قادتها المتكررة المعادية لإسرائيل والتي وصلت مع الرئيس السابق أحمدي نجاد إلى حد إنكار المحرقة والدعوة لإزالة إسرائيل ورميها في البحر، يضاف إلى هذا عمل النظام الإيراني على دعم التنظيمات والجماعات المسلحة التي عرفت بالعداء سواء لأميركا أو لإسرائيل، وهي هنا اختارت في أغلب الأحيان جماعات دينية شيعية، وغير خفي العامل الديني في مواقف إيران من قضايا هامة اليوم في الشرق الأوسط سواء في سوريا والعراق ولبنان واليمن، ويلاحظ دعمها لجماعات دينية شيعية مرتبطة بها، باتت تعمل خارج إطار الدولة ومؤسساتها، وتهدد كيانها، وشبه أوركاد هنا السياسة الإيرانية الداعمة للجماعات الدينية المحسوبة عليها بسياسات ملوك أوروبا اتجاه المشرق واتخاذهم من قضية أوضاع المسيحيين ذريعة ومرتكز لرسم سياساتهم وتدخلاتهم في المنطقة

إلى ذلك تحدث أوركاد عن الخشية التاريخية من الحصار التي عرفتها إيران، فبالعودة للتاريخ الحديث كانت الإمبراطورية الإيرانية شبه محاصرة فالعرب والعثمانيين في دولة واحدة على حدودها الغربية والإمبراطورية الروسية في شمالها، إضافة للوجود الإنكليزي الذي بدأ يزداد في مطلع القرن العشرين سواء على حدودها الشرقية أو الغربية، كل هذا يجعل إيران مندفعة أكثر باتجاه تأمين ما تظن أنه مجالها الحيوي الممتد من أفغانستان شرقاً حتى البحر المتوسط، ولهذا لم تسمح إيران باختلال التوازن لصالح خصومها في سوريا، خشية من انتقال سوريا إلى التحالف السعودي أو التركي المنافس ما يعني حتماً أن وضع بغداد ومن بعدها طهران سيزداد هشاشة، وبناء على كل هذه المعطيات التي تعرفها طهران إضافة لرغبتها بامتلاك السلاح النووي والطاقة النووية في ظل وجود قوى نووية قريبة منها في المنطقة سواء في باكستان من الشرق أو إسرائيل غرباً تبدو إيران وكأنها تدافع عن مكتسباتها في المنطقة العربية وأوراقها التفاوضية ما يجعل موقفها أكثر صلابة اتجاه هذه القضايا، لحرمان خصومها في المنطقة وبالتحديد العرب في الخليج والأتراك من استغلال هذه المساحة الشاسعة في حصارها والضغط عليها سياسياً وجغرافياً

من جهته تحدث الوزير والنائب السابق أحمد سالامتيان عن التداخل بين الديني والسياسي سواء في السياسة الإيرانية أو في منطقة الشرق الأوسط عموماً، مقارناً بين ما يحصل حالياً ومشاهد من زيارات سابقة له لعواصم ودول عربية في عقدي الستينات والسبعينات، مؤكداً أن الصراع القائم حالياً لم يكن بهذا الظهور والحدة في الفترات السابقة، معللاً ظهوره بسبب العودة إلى الماضي واندفاع الانتماءات الاثنية والدينية مضافاً إليها عوامل السياسة والنزعات القومية

أما فيا يخص الشأن الإيراني، أكد سالامتيان أن حراكاً ديمقراطياً واسعاً كان يقف ضد الشاه منذ أيام الجنرال مصدق، وأن الأميركييين والغرب عموماً دعموا تيار الخميني بدايةً أثناء بحثهم عن شخصية دينية وتيار ديني يواجه التمدد الشيوعي، ولحظة وصول الخميني لإيران لم تكن الثورة إسلامية شيعية، ولم تكن النظرة الدينية ومنهجها قد ترسخا بعد

كذلك تحدث سالامتيان عن الصراع القائم في المنطقة اليوم والدور الإيراني فيه، سواء في لبنان من خلال حليفها حزب الله والذي يعطل الحياة السياسة والمؤسسات الدستورية في البلد، ويمارس دور الذراع المسلح المدعوم إيرانياً والعامل خارج حدودها، وخارج حدود لبنان حتى بعد توجه عناصره للقتال في سوريا، إضافة إلى هذا الحضور القوي لإيران في الساحة العراقية عسكرياً وسياسياً

واعتبر سالامتيان أن الانتفاضة التي شهدتها إيران بعد الانتخابات التي فاز فيها أحمدي نجاد عام2009، لم تكن منفصلة عن أحداث الربيع العربي الذي انطلقت شرارته من تونس بعد عام، وأن قادتها هم من الفئة المتعلمة والنشطاء الشباب أبناء الطبقة الوسطى الأكثر تضرراً من قمع حكومات الملالي وسلطتهم في الداخل الإيراني

وفي الشأن السوري تحدث عن الدعم الذي يتلقاه نظام بشار الاسد من قبل النظام الإيراني فعلى الصعيد المالي تلقى النظام ما يفوق 3 مليارات ونصف المليار دولار، ما عدا الدعم العسكري والسياسي، نظراً لإيقان السلطة في إيران بارتباط النظام السوري بها ودفاعه عن مصالحها، كذلك طالب سالامتيان في حديثه المعارضة السورية بالتلاقي والتواصل مع المعارضة الإيرانية وقادتها من النشطاء الشباب وأخذ على بعض قيادات المعارضة السورية لقاءاتها بمنظمة مجاهدي خلق، معتبراً أن هذه اللقاءات خاطئة نظراً للحساسية التي يملكها طيف من الإيرانيين اتجاه هذا التيار السيساسي وتاريخه

بعد هذا أجاب الضيفان على أسئلة ومداخلات الحضور والتي تركزت حول الدور الإيراني في المنطقة، وتقاطع السياسي والديني واستغلاله من قبل النظام الإيراني، وأثر هذا على الأمن في المنطقة العربية بعد أن صرح أحد النواب الإيرانيين أن أربع عواصم عربية اليوم تابعة لطهران « ويقصد بها بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء بعد سيطرة الحوثيين عليها، كذلك حول الصراع القائم بين إيران ودول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية، والعلاقة بين الإسرائيليين والإيرانيين، والملف النووي الإيراني، وتبعات المواقف السياسية لإيران على المشرق العربي في ظل غياب مشروع في المنطقة ودخولها في دوامة العنف، كذلك أثر السياسات الإيرانية على الداخل الإيراني والتغييرات التي فرضتها على شكل وواقع الهوية الإيرانية، في ظل تنامي المد الديني ضمن بلد تتعدد فيه الأعراق والإثنيات والمرجعيات الدينية

جدير بالذكر أن سلسلة الندوات التي تنظمها جمعية سوريا حرية، ويديرها الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك ستكون محطتها القادمة في 26 تشرين الأول أكتوبر 2014

28/09/2014 Paris : Les Dimanches de Souria Houria – avec Bernard Hourcade et Ahmad Salamatian par Farouk Mardam Bey