أتى أمر الله فلا تستعجلوه » – محمد أبو رمان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 mai 2012

اختيار تنسيقيات الثورة السورية للآية الكريمة « أتى أمر الله فلا تستعجلوه » لمسيرات الجمعة الماضية، يحمل دلالة سياسية مهمة على إصرار الشعب السوري وثباته لنيل مطالبه في الحرية، وعلى أنّ قناعة الناس بأنّ هدف إزاحة النظام هو في طريقه إلى التحقق، بالرغم مما يبدو على السطح من عقبات وما يقوم به النظام من ويلات!وإذا كان التدخل العسكري مستبعدا اليوم، لتناقض الأجندات الدولية والإقليمية، فإنّ لعبة « شد الحبل » بين الثوار والشعب من جهة والنظام من جهة أخرى تدور اليوم حول « مهمة أنان » وبعثة المراقبين الدوليين، وهي اللعبة التي يحاول النظام أن يوظفها لصالحه عبر المماطلة وشراء الوقت من جهة، والالتفاف وتنفيذ أجندة التصفية البشرية من جهة أخرى.على الطرف المقابل، وبرغم أنّ حجم مهمة البعثة ومساحة دورها وعدد المراقبين الدوليين لا يرقى إلى المطلب الشرعي والرئيس للشعب السوري بتوفير حماية دولية له من الجرائم، فإنّ المطلوب عدم السماح للنظام باستغلال هذه البعثة لتنفيذ أهدافه، بل المطلوب أن يحاول الشعب السوري استثمارها إلى أقصى مدى لإدانة النظام من جهة، وكشف ما يقوم به من انتهاكات صارخة، ولتوفير أكبر قدر من الحماية للمدنيين من جهة أخرى.المعارضة السورية في الخارج وصلت إلى نهاية المطاف سريعاً عبر جعل خيار التدخل العسكري مطلبها الرئيس. لكن مع عدم إمكانية تحققه الآن، عليها أن تعود خطوتين إلى وراء وتساعد الثوار في الداخل لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من عمل بعثة أنان لحماية المدنيين، وتحديد أهداف مرحلية يمكن من خلالها الاستفادة « تكتيكياً » من هذه البعثة.حزمة الأهداف الرئيسة تتمثل، بالضرورة، في سحب الآليات العسكرية، توفير مراقبين في المناطق الساخنة، توثيق الجرائم والانتهاكات التي تمت بحق المدنيين والأبرياء، تفتيش السجون والمعتقلات والإفراج عن عشرات الآلاف من الناس، وضمان توفير حماية دولية للمسيرات والمظاهرات بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة.بالطبع، الرد على الأفكار السابقة معروف، ويتمثّل في أن النظام سيناور ويكذب ويلتف على البعثة، وهذا صحيح، وواقع، لكن ما علينا أن نتذكره هنا قضيتان رئيستان: الأولى، أنّ هذه المهمة هي التدخل الوحيد المتاح في اللحظة الراهنة، وهي الخيط الذي يمكن الإمساك به لتوفير أكبر قدر من الحماية للمدنيين، فلا بديل عن التعامل معه؛ والثانية، تكمن في تفويت الفرصة على النظام ودعايته السياسية التي تلقى رواجاً لدى الروس والصينيين، حول العصابات المسلحة، من خلال بناء علاقة مباشرة وواضحة بين قيادات الثورة والمسؤولين الدوليين. أحد الأهداف الكبيرة التي يمكن تحقيقها من مهمة أنان، تتمثّل في تصعيد قيادة في الداخل، تعبر عن الثوار، وتحظى بحماية من قبل البعثة الدولية، لها وجود حقيقي على الأرض، ليكون لها دور رمزي وحضور سياسي وإعلامي، وتكتسب دوراً سياسياً واضحاً، مما يصعّب على النظام اعتقالها أو تصفيتها، وإذا ما قرر القيام بذلك فإنّ الكلفة ستكون كبيرة عليه، سياسياً وإعلامياً، وهو بديل أفضل بكثير للثوار من أن يقوم النظام بذلك بلا أي كلفة حقيقية!بيت القصيد؛ إن اللعبة الوحيدة في المدينة اليوم هي بعثة أنان، وإن لم ترق إلى أي درجة مقبولة من دور المجتمع الدولي والعرب في حماية الثورة السورية، إلاّ أن المطلوب استثمارها إلى الحد الأقصى وبناء قنوات تواصل منها، وتحديد أهداف مرحلية ترتبط بها، للتضييق على النظام وإضعاف وسائله في المماطلة والالتفاف على مطلب وقف القتل والاعتقالات والتصفيات

http://alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/29283/اتى-امر-الله-فلا-تستعجلوه.html?sd=10

m.aburumman@alghad.jo