اعتذار إلى «بردى» ! * حيدر محمود
خانوا هَواكَ، وما خُنْتَ الهوى أبدا
فَصُدَّهُمْ عَنْ قَراح الماءِ.. يا بَرَدى
واسْقِ «الجرادَ» الذي لا يَرْتَوي: كَدَرا
لِيَرْعَوي.. ثُمَّ بَعْدَ اليَوْمِ لَنْ يَرِد
كُل الحِرابِ التي في صَدْرِكَ انْزَرَعتْ
كانت حِرابَ «رفاق»، لا حِرابَ عِدا
الأربعونَ خَريفاً أتْعَبتْك.. وإذْ
وافى ربيعُك، وَلّى عَنْكَ، وابْتَعَدا
ولم تَكُنْ «دَوْلة».. حتّى يكونَ لها
«سَيْفٌ».. ولا اعْتَبَروها مرّةً بَلَدا!
بل غابةً لوحوشٍ، لم تجد أسداً
يَلُمها حَوْلهُ، فاسْتَنسَخَتْ أسَدا!!
ونَصّبَتْه لها «ربّاً».. تُقَدِسُهُ
وإذْ قَضى، نَصَّبتْ مِنْ بَعْدِه الوَلَدا!!
«القُرْمُطِيَّة» قد عادَتْ، وفي دَمِها
تَسْري الكراهيةُ السَّوداءَ: مُعْتَقَدا!
الشَّرُّ يَسْكُنُها، والغَدْرُ دَيْدَنُها
وكانَ «إبْليسُ» -مُذْ كانَتْ- لها سَنَدا!!
* * *
لكنّها الشّامُ، أمُّ الغُوطَتَينِ، إذا
ما مسَّها الضُّرُّ، جَمْرُ العِزّةِ اتّقَدا
..لكنّها الشَّامُ.. والأيامُ تَشْهدُ كَمْ
من الغُزاةِ غَزَوْها، وانتَهوا بَدَدا!
كَمْ واجَهَتْ من طغاةٍ، كانَ أكثَرها
حِقْداً عليها الذي مَدَّتْ اليهِ يَدا!؟
وبايَعَتْهُ: على أنْ يَسْتعيدَ لها
مَجْدَ الجُدودِ، فألغاهُ، وباعَ غَدا؟!
واستأْمَنَتْهُ على الأبناءِ.. فانْتَحروا
مِنْ بَطْشهِ.. ثُمَّ سَمْاهُم لَهُ شُهَدا؟!
* * *
يا ربِّ، شامُكَ قد ثارَتْ لِعزَّتِها
لا تَطْلبُ العونَ، إلا مِنْكَ، والمَدَدا
فَليْسَ مِنْ أحَدٍ في الأرضِ يَنْصُرُها
وكَيْفَ يَنْصُرُ أهْلُ الكُْفرِ، أَهْلُ هُدى؟!
«القُدسُ» -من بابِها الشّاميّ- تَسْألُ هَلْ
ما زال حيّاً «صلاحُ الدينِ»، أمْ وُئِدا؟!
.. خَوْفَ الرجوعِ الى الأقصى، ومِنْبَرِه
وَهُمْ يُريدون ألاَّ يَرْجِعا أبَدا!!
ولا يُريدون «جُولاناً»، وسيرتَهُ
فَفَضْحُ أسرارِه، تَفْري لنا الكَبِدا!
* * *
أوّاهُ لو يعرف «الأزلامُ» قِصّةَ مَنْ
يُدافِعون عَنْهم.. لماتوا كُلُّهم كَمَدا!؟
وتَسْألُ القُدّسُ، عَنْ حِمْصٍ، وخالدِها
بسيْفِهِ ذبحوه؟! أم بِهِ جُلِدا؟!
لم يَبْقَ في أرضِها شيءٌ، ولا أحدٌ
فلم يُخَلُّوا بها شيئاً.. ولا أَحَدا!
وللوحوشِ حدودٌ لا تُجاوِزُها
ولا حُدودَ لسَفّاحِ.. إذا حَقَدا
* * *
يا شام صَبْراً.. فَخَيْلُ اللهِ قادِمةٌ
وقادِمٌ معها النَّصْرُ الذي وَعَدا!!