الآن.. باسمكم وحدكم! – منار الرشواني
بالنسبة لثلة قوميين ويساريين يعجزون عن حشد بضع مئات في تظاهرة في كل بلدانهم، ولأي قضية كانت؛ إصلاحاً وطنياً أو تنديداً بالعدو الصهيوني، فإن المعيار بشأن الموقف من الثورة السورية هو أن « الأمور بخواتيمها ». ومن ثم، وبغض النظر عن أي سياق، فقد باتت الثورة اليوم، استناداً إلى هذا المعيار، تستحق الإدانة من قبل هؤلاء بملء الفم وبأعلى صوت بعد عسكرتها، ولو كان حملها السلاح ضد جلادها « الوطني! ».
وموقف هؤلاء الممانعين المقاومين للحرية والكرامة، وليس إسرائيل أبداً، منذ اندلاع الثورة السورية؛ بتصويرها يوم كانت سلمية خالصة بأنها محض احتجاجات لمجموعات من مهربي عكار، هذا الموقف يؤكد بلا جدال أن عسكرة الثورة لم يكن تخوفاً يبديه الحريص على سورية. لقد كانت أمنية طال انتظارها على أمل ستر عورة دعم نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري، ولربما تبرير عقود من التواطؤ مع استبداد الأسد، الأب والابن، بالقول إن هكذا شعب (تماماً كما قيل بحق الشعب العراقي تحت صدام حسين) لا يُحكم إلا بالحديد والنار و »الدعس »، وإلا تحول بملايينه إلى سلفيين « قاعديين » أو عملاء للصهاينة!
رغم كل ذلك، دعونا نرتضي ذات معيار أنصار الأسد بأن « الأمور بخواتيمها » فيما يتعلق تحديداً بمزاعم أولئك القوميين واليساريين أنفسهم بأن حل الأزمة/ الكارثة السورية لا يكون إلا بالحوار مع النظام.
ففي سياق تأييد هكذا حوار، يحق لنا أن نسأل متهمي الثورة السورية بالخيانة والعمالة لمصلحة مؤامرة كونية، عن مكان شخصية واحدة فقط، ضمن كثيرين، هي الدكتور عبدالعزيز الخيّر، القيادي في « هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي ». وفي بيان وقعه قبل أيام سياسيون ومثقفون لبنانيون، بينهم من يتقاضى راتبه بالريال الإيراني عبر حزب الله، تم وصف د.الخيّر بأنه « قد يكون.. من أفضل من يمثّلون الخطّ السوريّ الوطنيّ العربيّ، الحليف لفلسطين وللمقاومة الوطنية اللبنانية، والبعيد عن عسكرة الانتفاضة السورية وتطييفها واستدعاء التدخلات الخارجية »؟
الطبيب عبدالعزيز الخير مختطف من قبل المخابرات الجوية منذ 21 أيلول (سبتمبر) الماضي عقب زيارة لا إلى أميركا أو قطر أو تركيا، بل إلى الصين؛ الدولة العظمى التي تحمي، مع روسيا، نظام الأسد حتى من إدانة على مجازره! والخيّر أيضاً هو من أمضى 11 عاماً ملاحقاً من النظام، إلى حين اعتقاله منذ العام 1992 وحتى العام 2005!
الآن، هل يستطيع أنصار النظام، القائلون بالحوار، إطلاق سراح الخيّر ورفيقيه اللذين اختطفا معه، إياس عيّاش وماهر طحّان، وغيرهم؟ وإن لم يكن بمقدورهم ذلك، وهو ليس بمقدورهم حتماً، فهل نتوقع منهم بيانا « جريئا شجاعا »، يجاهرون فيه بأنه « باسمنا، قوميين ويساريين، تم اعتقال الخيّر وأمثاله » (الشرفاء)؟
لا يبدو المطلب الأخير مستحيلاً ولا حتى صعباً، فمن يبرر قتل آلاف السوريين، لن يعجزه تخوين بعض من الرفاق القدامى، حتى ولو كانوا بتاريخ مشرف كتاريخ عبدالعزيز الخيّر.