الأسد وحبل النجاة الإسرائيلي – منار الرشواني
بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، يوم السبت الماضي، فإن الغارة الإسرائيلية، قبل نحو أسبوعين، على مركز عسكري للبحوث في بلدة جرمايا قرب دمشق (بحسب الرواية السورية الرسمية)، أو على قافلة أسلحة متجهة إلى لبنان (بحسب الرواية الإعلامية الإسرائيلية)، قد لا تكون إلا الغارة الأولى فقط ضمن حملة واسعة في المستقبل، لمنع وصول أسلحة من سورية إلى حزب الله تخل بشكل جوهري بالميزان العسكري بين الحزب وإسرائيل.
ومع اندلاع الثورة السورية، برزت خشية المتظاهرين ثم الثائرين السوريين، ومؤيديهم في العالم العربي، من تدخل إسرائيل التي كانت وحدها قادرة على إنقاذ نظام بشار الأسد؛ وذلك عبر افتعال أزمة مع هذا النظام أو حليفه حزب الله، تؤدي إلى اتهام الثوار بالعمالة كما ردد النظام كثيراً رفضاً لأي إصلاح وتبريراً للحل الأمني والمذابح بحق المدنيين السوريين، أو تؤدي هكذا أزمة إلى تعبئة الشعب السوري مجدداً ضد العدو الخارجي الصهيوني على حساب مطالب التغيير والإصلاح في الداخل. وهو ما حاول النظام فعله تماماً عقب غارة جرمايا.
لكن بعد قرابة سنتين من الثورة السورية، في ظل صمت العالم إزاء تضحياتها أو تواطئه ضدها، فإن التدخل الإسرائيلي الأخير لم يعد يمكن أن ينتج آثاره المأمولة للأسد على النحو المتوقع في فترة بدايات الثورة. على العكس من ذلك تماماً؛ فإن الدخول الإسرائيلي على مسار الأزمة السورية الآن ينطوي فقط على دلالات سلبية بشأن وضع الأسد حالياً، كما مصيره مستقبلاً.
فقبل أيام من الغارة، كانت إسرائيل تعلن صراحة أن المؤتمن الوحيد لديها على الأسلحة السورية، الاستراتيجية منها وغير التقليدية، هو نظام الأسد وحده. وبالتالي، سيكون خطاً أحمر يؤدي تجاوزه إلى تدخل إسرائيلي عسكري، فقدان هذا النظام « المؤتمن » السيطرة على تلك الأسلحة؛ طوعاً بنقلها إلى حزب الله، أو كرهاً باغتنامها من قبل الثوار.
وبناء على ذلك، فإن دخول إسرائيل على خط الثورة/ الأزمة السورية فعلياً، وتهديدها بحملة عسكرية قادمة، يمكن فهمه باعتباره دليلاً على تزايد انهيار نظام الأسد وبلوغه نقطة اللاعودة، بحيث يوشك الثوار على امتلاك قدرات تسليحية تهدد إسرائيل، أو أن الأسد اليائس يريد الانتقام، ولو مستقبلاً، من الإسرائيليين الذين خذلوه مع حلفائهم الغربيين، بنقل السلاح إلى حزب الله.
من ناحية أخرى، فإن عجز نظام الأسد أو يأسه بما يستحث إسرائيل على التدخل، بكل تداعياته الإقليمية، قد يؤدي إلى تحول حليف النظام الأقوى، روسيا، إلى عنصر ضغط عليه. إذ كما يؤكد، في ذات تقرير « واشنطن بوست »، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أموس يادلين، فإن تزويد موسكو لنظام الأسد بالأسلحة يقوم على تفاهم مع إسرائيل بعدم نقل هذه الأسلحة إلى حزب الله، وربما يكون منطقياً افتراض أن موسكو لا تريد تحمل المسؤولية عن تفجير المنطقة لأجل بشار الأسد.
لكن برغم كل ذلك، فإن نظاماً أثبت، في عهد الأب والابن على السواء، أن المهم هو بقاء الأسرة الحاكمة على حساب كل الوطن، قد لا يبالي مع تلاشي هذا الهدف بتحدي الحلفاء وإحراق الجميع بنيرانه.
http://www.alghad.com/index.php/crew/152751.html