الأسد وروحاني.. والحرب الإعلامية – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 2 octobre 2013

بدون قصد، أو بلا مبالاة على الأرجح وهم المشغولون بمصالحهم الوطنية، يواصل القادة الإيرانيون إحراج حليفهم الأوحد في العالم العربي؛ نظام بشار الأسد. آخر تجليات ذلك؛ عميقة الأثر في الإدراك كما في فرض السياسات على الأرض، تلك الحرب الإعلامية التي يخوضها الطرفان بشكل متزامن في مواجهة الغرب، إنما كل بأدوات وأهداف متباينة.
إذ بشكل جلي لا يقبل التأويل، يمد الرئيس الإيراني حسن روحاني، يده للغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، انطلاقاً من تأكيد قدرة بلاده على لعب دور صانع سلام واستقرار في منطقة الشرق الأوسط وما أبعد منها، لكن بما يفرض على العالم، في المقابل، الاعتراف بإيران قوة إقليمية، مصانة هويتها ومصالحها، وحتى طموحاتها المستقبلية.
على الطرف الآخر، يلتقي الأسد مع روحاني في الوضوح التام فقط. لكن بخلاف ذلك، لا يملك الأسد إلا خطاب التخويف والترهيب للغرب من رحيله أو إسقاطه؛ ويكاد يقدم نفسه صراحة، بالتالي، باعتباره محض بديل لمنظمات إرهابية، بتعريفه وبتعريف كل الغربيين المستهدفين بخطابه! وهو لأجل استحقاق الجدارة بالبقاء بدل « القاعدة » وشقيقاتها، يقدم أسلحته الكيماوية للغرب على طبق من ذهب، ويصمت على الاعتداءات الإسرائيلية التي تُجهز في غارات تماثل التمرين العسكري الحي من حيث كونه « شديد الأمن »، على ما تبقى للجيش السوري من أسلحة استراتيجية، لاسيما الصاروخية منها. هذا طبعاً وفق ما اكتفت إسرائيل بالكشف عنه حتى الآن، بانتظار معرفة حصيلة الخسائر الكاملة!
الهوة السحيقة بين صعود إيران وبين انهيار حليفها الأسد، يفسرها فقط الشعب؛ حضوراً وغياباً، على الطرفين. ففيما ينطلق حسن روحاني في استمالته الغرب من « تفويض شعبي واسع »، كما يبدأ خطابه بثقة، وهو التفويض الذي تم التعبير عنه في انتخابات رئاسية نزيهة؛ يغيب الشعب السوري تماماً عن الأسد، فلا يملك إلا « تخويف » الغرب من بديله!
وأياً كان الموقف من الثورة السورية وما آلت إليه الآن، فلا يستطيع حتى أنصار نظام الأسد إنكار أن هذا التجاهل للشعب هو ما أوصل سورية إلى ما هي عليه اليوم. لكن الغرابة هي مواصلة هذا التجاهل، وبشكل أسوأ وأخطر من ذي قبل.
فبعد أكثر من سنتين ونصف السنة على الحل الأمني الفاشل، صار النظام يختصر الشعب السوري كله، في سورية وخارجها؛ مقاتلين ومعارضين سلميين، لاجئين ونازحين، في كونهم إرهابيين، لا يستحقون إلا القتل، أو الاعتقال الأسوأ من القتل.
ففي كل مقابلاته الإعلامية التي أوشكت أن تستعصي على الحصر في الفترة الأخيرة، لا يخاطب الأسد ولو تلميحاً الشعب السوري بأي طريقة؛ خلاصة المشكلة لديه هي « غرب » و »قاعدة »، فيما لا بديل للشعب عن القتل والتهجير الجماعيين. وحتى فيما يتحدث أنصار الأسد الخاضعون لإيران « البراغماتية الديمقراطية »، عن الحوار في سورية، كما فعل أمين عام حزب الله حسن نصرالله أول من أمس؛ يتواصل القتل، كما الاعتقالات والملاحقات للمعارضين السياسيين السلميين.
لكن « سر الشعب » ذاته قد يجعل من المقارنة السابقة بين الحليفين غير منصفة ولا محقة أساساً؛ فهل كانت حماية سورية وشعبها يوماً غاية نظام الأسد وهدفه، كما تشكل إيران ومصالح شعبها فعلاً هادي تصريحات وسياسات روحاني، وقبله المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يواصل حضوره منذ زمن عداء الغرب واستعدائه سابقاً، وفي زمن استمالته والتعاون معه حالياً؟