الدور الروسي في سوريا – علي الشيخ منصور

Article  •  Publié sur Souria Houria le 21 mai 2013

يمكن لمتتبع الأحداث أن يلحظ بسهولة كيف احتلت موسكو العناوين الرئيسية لنشرات الأخبار, منذ المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الامريكي جون كيري بموسكو يوم الثلاثاء 7 أيار/ مايو, وأعلنا فيه أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على عقد مؤتمر دولي بهدف إيجاد حل سياسي في سوريا, متضمنا ذلك الضغط على الحكومة السورية والمعارضة للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

منذ ذلك التاريخ تحولت موسكو إلى مربط الفرس فيما يتعلق بالشأن السوري, فإثر زيارة كيري, قصدها لاحقا رئيس الوزراء البريطاني دافيد كمرون, كذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, قبل أن يصلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, وإن اختلفت مشاغل واهتمامات كل زائر على حده, فإن الموضوع السوري يجمع كل المحادثات التي شهدتها العاصمة الروسية. التي أكدت على أهمية الاتفاق المشار إليه سابقاً, حتى بعد أن تمّ ترحيل موعد الاجتماع من شهر أيار/ مايو إلى شهر حزيران/ يونيو, وربما أبعد قليلاً, إلا أن الجميع متفقون على اعتبار المؤتمر الدولي القادماستكمالاً وتطويراً لمؤتمر « جنيف » الذي عقد نهاية حزيران/ يونيو من العام الماضي, مع هوامش في التعبير عن هذا الاتفاق.

تلك الهوامش التي أعادتنا بالضرورة إلى الخلاف السابق حول تفسير قرارات جنيف الناقصة, حين تجاهلت الإشارة إلى مصير الأسد, مما شجع الروس على التأكيد أن اتفاق جنيف لم يُشر من قريب أو بعيد إلى مصير الأسد, بينما يقول الأمريكيون إن روحية الإتفاق تفترض رحيل الأسد, وهو ما تطالب به المعارضة السورية في وثائق القاهرة, إذ أكدت أن المرحلة الانتقالية تبدأ بعد رحيل الأسد.

المشكلة أن طبيعة النظام السوري في صيغته الدستورية, وخارج أي صيغة أيضاً, يُركز كل السلطات بيد الرئيس, ولم تعرف سوريا عبر نصف قرن من سلطة البعث أي نمط لمؤسسات دولة مستقلة, لا في القضاء ولا في الإعلام ولا في الأمن أو العسكر أو سواها, فكل المؤسسات تدار بطريقة بيروقراطية تنتهي خيوطها بين أصابع الرئيس, وهذا أحد تعقيدات الساحة السورية التي ساهمت بتطويل أمد الثورة التي تطالب بإسقاط النظام, والسؤال: كيف يمكن اسقاط هذا النظام دون تفكيك المؤسسات المرتبطة به؟ وكيف يمكن تفكيك تلك المؤسسات دون أن نسهم بإنهيار الدولة التي ساهم النظام في حربه الفاحشة عبر سنتين ونيف بتدمير الكثير من مفاصلها وأجزائها.

وبعيدا عن تعقيدات الساحة السورية, تقوم أسئلة أخرى ليست أقل أهمية, فكيف يمكن لنا أن نثق بروسيا التي دعمت هذا النظام عبر تلك المدة الطويلة من عمر الثورة بكل ما يمكن أن يساعده على قتل الشعب السوري, وتدمير البلد؟ كيف يمكن أن نثق بمرحلة انتقالية ساهم البيت الأبيض سلفاً بتعهيدها للروس, ومنشغلاً عن أعداد القتلى فيها وحجم المجازر والدمار, برسم خطوط حمراء وهمية, ومنشغلاً بالبحث عن حدود خطوطه المنتهكة قبل أن توضع في التطبيق؟ كيف نثق بالسيد بوتين الذي يُصر على توريد صواريخ S300 متوسطة المدى وبعيدته أيضاً إلى نظام يستخدم السلاح الكيماوي في قتل شعبه؟

الدور الروسي في سوريا لم يقدم بكل أسف أي بوادر حسن نية, يمكن للأمريكان أن يقنعونا بجدواها, وهم كذلك في كل الملفات الدولية, من الملف النووي في إيران, إلى الملف النووي الكوري, ومن ملف الشيشان سابقاً إلى ملف الشيشان الراهن, فيما يترتب عليه من عمليات اختطاف رهائن وتفجيرات داخل سوريا. خاصة إذا علمنا أن إيران غير بعيدة عن الرياح التي يطلقها الكرملين باتجاه المنطقة, والتي تصر موسكو على مشاركتها في « حنيف 2 » القادمة, رغم معارضة باريس وواشنطن وأغلب الدول الغربية.

فلا خلاف حول أهمية أي حل سياسي يجنب السوريين مزيداً من الدماء والدمار, شريطة أن لا يضحي بتضحياتهم من أجل الكرامة والحرية, ومن هنا إصرارنا على رحيل الأسد ونظامه القمعي الفاسد قبل أي شيء آخر.

source : http://www.hurrriya.com//news/main.aspx?id=issuethirtysevenoneone

date : 20/05/2013