السقوط الأخلاقي في الموقف من النظام السوري – ياسر أبو هلالة‎

Article  •  Publié sur Souria Houria le 2 mars 2012

لا أدري ما موقف « شبيحة » النظام السوري من سقوط سبعة شهداء من الشعب السوري في القنيطرة « المحررة » على يد جيش بشار البطل. فلو أن سائق الدبابة أدارها باتجاه الجولان المحتل، أو أن الجندي أدار الكلاشينكوف لقتل جنود احتلال، لما جرؤت هيلاري كلينتون على القول إنه يقوم بعمل عدواني غير شرعي. فالجولان محتل، وفي سورية مليون نازح هجروا منه. وفي القانون الدولي هذه أراض محتلة، وكل الساسة الإسرائيليين يجمعون على أنها سورية محتلة. والخلاف في محادثات السلام مع الوالد حافظ الأسد والابن بشار كان يدور على موضوع مياه طبرية وترتيبات الأمن.

لنتخيل لو أن جيش الاحتلال أطلق الرصاص على هؤلاء الشهداء، هل نقبل من أحد القول إن الجيش معذور لاعتبارات أمنية؟ مشكلة « شبيحة » بشار أنهم قدموا خدمة العمر للحركة الصهيونية؛ في سبيل الأمن يجوز ارتكاب المجازر. ولذا، فإن مجموع ما قتله بشار ووالده من الشعب السوري يزيد على ما قتل في الصراع العربي-الصهيوني، مع فارق كبير أن الخلاف في سورية سياسي؛ من يحكم البلد، وكيف تُحكم البلاد، وليس صراع وجود.

وأسوأ أنواع « الشبيحة » ليس الذين يداومون عند السفير السوري، أحد أبطال مجزرة حماة، ولا الذين ينافسون الأمن السياسي في خلع أظافر الأطفال؛ إنهم الذين يتذاكون ويزعمون « الحياد »، واقفين على مسافة واحدة من النظام والثورة! وكأننا في خلاف بين حزبي العمال والمحافظين. لنصدق كذبة المقاومة والممانعة، هل يقبلون حجج نظام بلدهم التضييق على الحريات بذريعة الأمن، وليس ارتكاب أبشع المجازر؟! هل طلب أحد منهم تغيير الموقف من الصراع العربي-الإسرائيلي؟ المطلوب موقف من قصف المدنيين بالمدفعية والدبابات، لكنهم لا ينطقون، لأن موقفهم الحقيقي لا يختلف عن موقف من يطلق القذيفة ويقتل الأطفال، لكنهم لا يمتلكون شجاعة إعلان الموقف. حسبهم ما قاله مارتن لوثر كينغ: « أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة ».

طبعا، سيحتفل الشبيحة ليس بتحرير الجولان ولا مزارع شبعا (هل ما يزال أحد يذكر كذبة مزارع شبعا؟!) وإنما بتحرير بابا عمرو. لم يكن حافظ الأسد وأسرته يوما عملاء لإسرائيل، ولكنهم إلى اليوم يخدمونها بشكل يعجز عنه جيش الاحتلال. فلو أن سورية محكومة بنظام ديمقراطي لأعاد الجولان حربا أو سلما. لكن المبرر الوحيد لاستمرار الحكم الأسري المافياوي المتستر بالطائفة العلوية وحزب البعث هو الصراع العربي-الإسرائيلي.

حاول العقيد القذافي أن يستفيد من نظرية الحفاظ على أمن إسرائيل، لكن لم يصدقه أحد نظرا لبعد ليبيا جغرافيا. ولذا تسلح الليبيون سريعا، وولى هاربا هو وأسرته من قصف طائرات « الناتو » وضربات الثوار. بشار الأسد يستمر إلى اليوم بسبب أن العالم يدرك أنه يحافظ فعلا على أمن إسرائيل، ولولا ذلك لسقط سريعا. غير أن ذلك لن يمكنه من الحفاظ على كرسيه، بل يزيد الكلفة على الشعب الثائر. المشكلة أنهم يتحدثون عن المؤامرة الكونية وكأن طائرات الـ »أف 16″ تدك الفرقة الرابعة، مع أن الفرقة الرابعة من سنة وهي تدك بالشعب ولا أحد يوقفها، فالمؤامرة ضد من إذن؟

قبل أن يسقط بشار، سقط قبله كثيرون أخلاقيا.

الغد – ٢/٣/٢٠١٢

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef/article/28659.html