الغامض في خطَاب نصرالله- منار الرشواني
يبدو أمين عام حزب الله حسن نصرالله، في خطابه الأخير يوم الثلاثاء الماضي، ثابتاً على موقفه بدعم نظام بشار الأسد، كما كان منذ اليوم الأول للثورة السورية. وفي دعمه هذا، يبدو نصرالله ثابتاً، أيضاً، على تقديم نفسه بمستوى أقل داعمي ذاك النظام شأناً. فلا شيء يقدمه لإخراج الأسد (سورية) من أتون المؤامرة المزعومة سوى التبشير بطول المعركة واتساع دائرة الموت، مع الحديث عن حوار يقول أمين عام حزب الله إن المعارضة السورية (وجيد أنه اعترف بوجود معارضة) ترفضه، فيما يريده الأسد؛ حتى وإن كان هذا الأخير ما يزال يمارس سياسة القتل والتهجير الجماعي، وتضيق سجونه على المسحوقين فيها، ولا يستطيع أو يفكر نصرالله وحزبه بإطلاق واحد منهم، حتى وإن كان معارضاً سياسياً علمانياً، بل وعلوياً!طبعاً، الجديد في خطاب نصرالله اعترافه صراحة بانخراط ما كان « مقاومة »، في الحرب إلى جانب نظام الأسد ضد الثوار السوريين.
أما اللافت، وليس غير المتوقع بالضرورة، فهو تهديده بالانخراط الكامل في هذه الحرب في حال أوشك الأسد (الذي هو سورية كلها هنا برأي نصرالله) على السقوط. وإذ لم يعد تورط حزب الله إلى جانب الأسد سراً أبداً، فإن الغموض في تصريحات نصرالله وتهديداته يتعلق تحديداً بتوقيتها.
فلماذا يخرج نصرالله الآن للإدلاء لا باعترافه فحسب، بل والتهديد بحرب إقليمية ربما لأجل الأسد، مع أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن الجيش النظامي بات يحقق الآن تقدماً ميدانياً لأول مرة منذ وقت طويل؟ ألا يبدو منطقياً أكثر ونظام الأسد يعيش ما يفترض أنها أفضل أيامه منذ اندلاع الثورة السورية، أن يحافظ حزب الله على غموض تورطه في سورية، ناهيك عن إعلان استعداده لأن يكون طرفاً كاملاً فيها على حساب لبنان، وبما يخيف حتى حلفاء الحزب هناك، قبل خصومه وأعدائه؟
في ذات الخطاب، يقول نصرالله إن كلامه « يأتي من موقع المعلومات والمتابعة التفصيلية، وليس من موقع الأماني والتحليلات »، فما الذي يعرفه أمين عام حزب الله ليدلي بتصريحات وتهديدات لا تبدو منطقية استناداً إلى المتاح من المعلومات؟ تُرى، من الذي قُتل في السيارة الدبلوماسية الغامضة التي قيل إنها تواجدت في مكان التفجير الذي يُفترض أنه استهدف رئيس وزراء الأسد، وائل الحلقي، يوم الإثنين الماضي، لكنه خرج منه بدون خدش؟ ومن الذي كان مستهدفاً في تفجير اليوم التالي في ساحة المرجة؟ إذا كانت تلك أسئلة مبالغا فيها، وكان الأسد يسير إلى « الانتصار! » على سورية وشعبها، فإن السؤال يغدو أخطر: ما الذي يهيئ له حزب الله مستقبلاً في لبنان تحديداً؟ وتالياً وأهم من ذلك: ما الذي تخطط له إيران إقليمياً بعد نهاية الأسد، بقي في السلطة أم لم يبق؟
عن « الغد »