النصرة » و »القاعدة ».. والحلقة السورية المفرغة- منار الرشواني
لم يكن الأمر سراً أبداً حتى يتفاجأ البعض بإعلان « جبهة النصرة لأهل الشام » في سورية انتماءها لتنظيم القاعدة، عبر مبايعة زعيم التنظيم أيمن الظواهري، مع تحظ أو رفض « الجبهة »، على لسان زعيمها أبو محمد الجولاني، الالتحاق بتنظيم القاعدة في العراق كما كان أعلن قبل ذلك مباشرة زعيم هذا الأخير، أبو بكر البغدادي.
رغم ذلك، قد يرى البعض أن في هذا الإعلان ما يخدم نظام بشار الأسد الذي طالما أنكر مطالب الشعب السوري المحقة والمستحقة منذ أكثر من أربعين عاماً؛ مدعياً أن لا وجود للثورة السورية، وإنما هي حرب إرهابية تخوضها جماعات سلفية ضد نظامه، وبما يستوجب دعم العالم له وليس للثوار « الإرهابيين »! لكن، هل يبدو ذلك ممكناً أو متصوراً الآن، لاسيما مع معرفة العالم برعاية نظام الأسد للقاعدة إبان كانت ضرورية له لإشغال الأميركيين في العراق، ولاحقاً تمكينها من فرض نفسها في الثورة السورية بسبب إصرار هذا النظام على عسكرة الثورة، عبر ارتكاب فظاعات بحق المدنيين؟ بعبارة أخرى، تظل الحقيقة هي أن وجود « القاعدة » في سورية إنما ارتبط ويرتبط بوجود الأسد وممارساته.
على الطرف الآخر، قد تبدو مجاهرة « النصرة » بانتمائها للقاعدة، فرصة/ ذريعة لفصائل الثوار السوريين الأخرى للتبرؤ منها، كما طالبت بذلك الدول الغربية دائماً، لاسيما منذ إدراج « الجبهة » على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية، وبما يمثل شرطاً لتقديم الدعم الغربي العسكري النوعي لتلك الفصائل!
لكن هذا أيضاً يكاد يكون مستحيلاً، وتحديداً على الأرض حيث تخاض المعارك في مواجهة نظام قرر مبكراً تبني سياسة الأرض المحروقة في المناطق المشتعلة، على اتساعها، مع الإبادة الجماعية لسكانها بدون أي تمييز. وأمام ذلك، هل يبدو متخيلاً انفضاض السوريين، أفراداً وفصائل ثورة، عن أكثر التنظيمات المقاتلة كفاءة عسكرية وأفضلها تمويلاً، ناهيك عن الانقلاب عليه، وليسلموا أنفسهم تالياً لفظائع النظام؟!
بالنتيجة، يبدو المستفيد الأوحد من إعلان « النصرة » هو « النصرة » وحدها! فحتماً سيستغل نظام الأسد الإعلان لارتكاب فظاعات أكبر وأبشع بحق المواطنين « الإرهاربيين! »؛ فيما سيواصل الداعمون الأميركيون والأوروبيون المزعومون استغلال « القاعدة » لمنع تقديم الدعم اللازم للثوار غير المعروف أو المحسوم موقفهم من التنظيم الإرهابي وتفرعاته السورية؛ لتكون المحصلة تعزيز الحلقة المفرغة التي خلقت الأسباب الحقيقية لظهور ورسوخ جبهة النصرة في سورية أصلاً.
وإذا كان معروفاً أن تهديد « القاعدة » الذي تجدد بفضل دموية الأسد في مواجهة الشعب، قد يمتد إلى دول أخرى في المنطقة، فإن هذه الدموية باتت أيضاً تهديداً قريباً من أوروبا. إذ كما يؤكد تقرير صادر عن مركز « دراسة الراديكالية والعنف السياسي » في لندن، مطلع هذا الشهر، فإن أهم أسباب انضمام مقاتلين أوروبيين للثوار في سورية ليس معتقدات « جهادية »، بل هي « الصور المرعبة (القادمة من أرض) الصراع، وقصص الفظائع التي ترتكبها قوات النظام، ونقص الدعم المقدم من الدول الغربية والعربية » للثوار.
كيف السبيل إلى كسر حلقة الموت السورية المفرغة؟ الجواب المعروف للجميع هو بالتخلص من صانعها، ومن يضمن بقاءها واتساعها.. الأسد ونظامه;
www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/32556/نصره-والقاعده-والحلقه-السوريه-المفرغه.html