النصف الممتلئ! – محمد سليم
« عليكم أن تروا النصف الممتلئ من الكأس »..
لطالما ألقى النظام هذه الحكمة على مسامعنا، ولطالما تجاهلنا نصيحته. ولكن، وبعد أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، فقد آن لنا أن نعيد النظر بموقفنا اللامبالي، وأن نخفف من عنادنا..
آن لنا أن نغدو أكثر موضوعية في تقييمنا لنظامنا، ما يتيح لنا أن نلحظ هذا النصف الممتلئ من كأسه، الذي يسقينا منه، عنوة، منذ نصف قرن..
لا بأس، من الآن وصاعداً، أن نتدرب على النظر إلى نصفي الكأس على حد سواء، كأن نضع قائمة بالأنصاف الممتلئة مقابل قائمة بالأنصاف الفارغة..
يصلح موقف النظام الأخير، الذي تجسد في مهرجان دار الأوبرا، كمثال توضيحي مناسب:
ـ يرغب النظام في الحوار، هذا هو النصف الممتلئ. ولكنه لا يرغب إلا في الحوار مع نفسه، وهذا هو النصف الفارغ.
ـ لا يمانع النظام في انتقال سلمي للسلطة، هذا هو النصف الممتلئ.. ولكنه يريد انتقال السلطة من يده اليمنى إلى يده اليسرى، وهذا هو النصف الفارغ.
ـ يريد النظام تحقيق مطالب شعبه المحقة، هذا هو النصف الممتلئ.. ولكنه لا يجد أي مطالب محقة، بل لا يجد شعباً من أصله، وهذا هو النصف الفارغ.
ـ يقاتل النظام الإرهابيين الذين يهددون أمن الوطن ووحدة أرضه، هذا هو النصف الممتلئ.. ولكنه يرى أن السوريين جميعهم إرهابيين، وهذا هو النصف الفارغ.
ـ يسعى النظام إلى الديمقراطية، هذا هو النصف الممتلئ.. ولكن الديمقراطية التي يريدها هي التي تضمن حكم رجل واحد بعينه وسلالته إلى الأبد، وهذا هو النصف الفارغ.
ـ قدم النظام خطة محكمة من ثلاث مراحل لحل الأزمة، هذا هو النصف الممتلئ.. لكن هذه الخطة تحتاج ثلاث سنوات حتى تُفهم، وثلاث سنوات أخرى حتى يُباشر بتنفيذها، وهذا هو النصف الفارغ.
ـ يريد النظام الزواج على سنة الله ورسوله، هذا هو النصف الممتلئ.. ولكنه لا يجد عروساً تقبل به، وهذا هو النصف الفارغ.
إثر (موازنة) كهذه نصل إلى سؤال وجيه: لماذا يثور السوريون ضد نظامهم؟ بالأحرى: لماذا انتظروا حتى الآن ليثوروا ضد نظامهم؟!
Revue Hurrriya, n°19
Date : 14/01/2013
source : www.hurrriya.com