النظام في سورية عاجز عن حماية الشعب – إبراهيم غرايبة
أن يكون النظام السوري بريئا من قصف الغوطة بالسلاح الكيماوي، فإن هذا يعني أنه أشد جرما من ان يكون مسؤولا عن القصف؛ إذ يعني ذلك أنه غير قادر على حماية شعبه، وأن المنطقة مهددة بالفوضى، وأن عصابات مزودة بأسلحة كيماوية منتشرة ولا أحد يعلم عنها.
كيف تصل صواريخ مزودة بأسلحة كيماوية إلى قلب دمشق بدون أن تعلم عنها شيئا الحكومة السورية؟ ماذا تفعل القوات المسلحة والأمنية والاستخبارية التي أُنفق عليها معظم موارد سورية منذ سبعين عاما؟ كيف عبرت الحدود وتجاوزت كل أنظمة وأجهزة الرقابة والحماية لتصل إلى دمشق؟ هذه الفوضى المحتملة أخطر بكثير من نظام وحشي، ولا مجال لحماية الشعوب والدول منها سوى بإزالة النظام السوري من الوجود؛ فقد تحولت سورية اليوم ساحة خطيرة جدا، وكلما تأخر سقوط النظام السياسي القائم هناك، تزيد الخطورة على العالم والإقليم.
النظام السوري يدين نفسه بنفسه. فبعد أن دمر سورية ومدنها وقراها، وأباد شعبها وارتكب أفظع الجرائم بحق الإنسانية، يبدو عاجزا وفاشلا؛ فأضاف إلى جريمة الإبادة والتدمير، جرائم أخرى في عدم تحمله المسؤولية تجاه بلاده وشعبه، وتحويل سورية إلى بلد فاشل، ومسرح للفوضى غير المعقولة!
لم يعد ذا قيمة أو جدوى هذا الجدل الدائر حول التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، أو اتهام أو تبرئة طرف من الأطراف؛ فهناك مئات الآلاف الذين أبيدوا ودمرت بيوتهم ومدنهم وبلداتهم، وهناك بلد كبير وعريق يجري تحويله إلى مكان خطير على شعبه وعلى دول الجوار والعالم أيضا! ولم يعد ثمة مجال إلا أن تتحمل الدول الكبرى والمجاورة لسورية، وجميع الدول العربية، مسؤولية قانونية وإنسانية لحماية السوريين، وبسط القانون، وتنظيم الحياة والعلاقات السياسية والتجارية في بلد مهم يحتل حصة في قلب العالم!
بالطبع، فإنها حكاية خرافية تبرئة النظام السوري من الإبادة بالأسلحة الكيماوية، وتعكس حالة نفسية أكثر من موقف سياسي، ومخاوف من المستقبل أكثر منها دفاع عن النظام، وهواجس ومشاعر قومية ووطنية أكثر مما هي أسئلة واقعية ومحاولة للفهم؛ فلا يمكن في حال من الأحوال التصديق بأن جماعات المعارضة والجيش الحر تملك مثل هذه الأسلحة. وإن كانت لديها بالفعل، فلماذا تستخدمها ضد نفسها؟ لماذا لم تقصف القصر الجمهوري والقوات السورية، بدلا من أن تقصف معاقلها وتقتل أسرها ومؤيديها؟
لقد نجح مؤيدو النظام السوري في جرّنا إلى جدل نستحي منه، وأشغلونا عن قصة أطفال قتلوا بدم بارد، لنرتكب حماقة السؤال عمن فعل أو لم يفعل!