الوجه السوري للأحلام… عن بهراء وأحمد – عامر مطر
لابد أنها تعايشت الآن مع الصراصير، لم يعد وجود العشرات منها في المنفردة الصغيرة أمراً مرعباً… لأنها لا تؤذي كالسجانين خارج المساحة الضيّقة المُعتمة
ستُبعد الفنانة بهراء حجازي صرصوراً صغيراً عن طعامها، كي لا تقتله، كما يفعل أغلب المعتقلين في سجون الفروع الأمنية السورية. فإيذاء حتى الصراصير يخدش إنسانيتهم أحاول تذكّر شكل الزنزانة التي رموها داخلها، لأن ذاكرتي تحمل صور مهاجعه ومنفرداته القذرة، بعد تنقل مصحوب بالشتائم والتعذيب بينها؛ أثناء بقائي لشهرين داخل الفرع الذي يعتقلها الآن أعرف صوت الحيد هناك، وأصوات التعذيب فيه، ووجوه سجانيه التي تحمل كلّ البلاهة… أعرف ذاك المكان بقدر ما أكرهه، وأعرف كيف يخوّن الصحفي فيه لأنه لم يعمل في مؤسسات الكذب الوطنية هناك، كتبت على جدار منفردة ما اسمي، وكلمة ‘حرية’ قربه. لابد أنها ضحكت أمامه… لابد أنها حفرت اسمها أيضاً، بقصدير قطع الجبنة، مع مئات الأسماء الحالمة هناك، يظل الحرّ حراً، رغم كل ما يفصله عن العالم من جدران عالية، وحديد يشبه وجوه الطغاة، فالسجون أصغر من مساحات الأحلام، وبهراء كانت تؤمن بسوريّة الحرّة، وتعمل لتحقيق هذا الحلم تعمل بهراء في مجال التصميم والرسوم المتحركة، والإشراف على ورشات تدريبية للأطفال واليافعين في مجالي التصميم والإخراج لها فيلم رسوم متحركة قصير، بعنوان ‘تموجات قلب’، وكانت تحضّر لفيلمها الوثائقي الأول عن المرأة في سورية، والذي تم اختياره مع عشرة أفلام أخرى لمنتجين شباب في برنامج دوك ميد الأوروبي 2011 لابد أنها أضربت الآن عن اليأس والخوف، وكتبت قرب اسمها: ‘الحديد واهٍ، والموت أيضاً’. ولابد أنها تحلم بقمر يشبهها، وتحزن لأن المواطن السوري يرى القمر من خلف القضبان، في حين أن بشراً من شعوب أخرى يفكرون ببناء أوطان لهم على وجهه هل على نصف الشعب السوري أن يموت ويُعتقل، ليعيش نصفه الآخر دون التفكير بالموت والمعتقلات في فرع آخر، يجلس الآن الصحفي أحمد صلال منذ أيام، دون أن يعرف أحد السبب أيضاً، وأخبار حزينة تتحدث عن تعذيبه، عن صوته المبحوح من صراخ التعذيب صحافي من سورية القدس العربي – 2012-02-24
|