اليوم العالمي السنوي للاجئين المحدد في 20 حزيران في المجمع السينمائي الفرنسي – مازن عدي
بإشراف الامم المتحدة ورعاية وزير عدل فرنسي سابق، نُظًّمت في باريس فاعلية اليوم العالمي السنوي للاجئين المحدد في 20 حزيران في المجمع السينمائي الفرنسي cinématheque française دُعيت اليه مع نشطاء واعلاميين من جنسيات مختلفة ، تم عرض ثلاثة أفلام تسجيلية تخص اللاجئين ، احدهم أنجز من قبل مخرج فرنسي عن مخيم اللاجئين السوريين في شمال العراق عكس صورة صادقة عن بعض أوجه المعاناة والمحنة الانسانية السورية دون ان يتجاهل البعد السياسي كما ظهر من خلال الكلام العفوي للشخوص . وعرض ايضا في نهاية اليوم فلم طويل للمخرج الكمبودي Rithy Panh عن ظاهرة الخمير الحمر وما ارتكبته من جرائم وما سببته من مآسي للشعب الكمبودي في العقود الماضية ، استحضر ذاكرته وترجم فنيا شهادته حين كان طفلا فقد أهله و نجا من الموت وتشرد كلاجئ ثم عقدت ندوة شارك فيها المخرجون الثلاثة ومندوب الامم المتحدة للاجئين وآخرون ، وتم التوقف امام القضية السورية وجرت مناقشة مع الحضور شاركت بكلمة صغيرة وأشرت الى مداخلتي المكتوبة (النص الفرنسي) التي عممت على الحضور جميعا (في الصالة ) وفيما يلي النص العربي
السادة الحضور : بعد التحية والسلام والشكر ، يشرفني في هذه المناسبة ان أتقدم بكلمة سريعة توجز ما أودّ عرضه في سياق التظاهرة السنوية ليوم 20 حزيران-جوان ؛ journée mondial du réfugie cinématheque française
1 – يأتي التكريم والاهتمام بالأعمال الفنية السينمائية للاجئين الصحفيين كنقطة علام في إبراز القضية الانسانية الكبرى لظاهرة اللاجئين في العالم التي تنمو بازدياد (بلغت ما يزيد عن أربعين مليون حسب المسجلين في قوائم الجهة المختصة لهيئة الامم المتحدة ) وبلدي سوريا يضم مايقارب تسعة ملايين لاجئ هجروا بيوتهم وأعمالهم ؛ منهم داخل سوريا حوالي ستة ملايين و مايقارب ثلاثة ملايين رحلوا الى دول الجوار وباقي أصقاع العالم ، ويضطر الكثير منهم المخاطرة والمغامرة بحياتهم في شروط لا إنسانية يتعرضون فيها لشتى صنوف الابتزاز ومخاطر الغرق في عرض البحر كما حصل خلال الأشهر الفائتة قرب الشواطئ الأوربية (ايطاليا واليونان) والتي بلغت المئات
2- ان رؤية ومعالجة ظاهرة اللاجئين والمهجرين بأبعادها الإنسانية او الاقتصادية ينبغي ان لا يحجب عنا العمق السياسي لها ؛ فسياسات العسف والاضطهاد والتمييز وافتعال الحروب الظالمة ، وعدم قيام المجتمع الدولي بواجبه تجاه شعوب العالم وحماية حقوقهم الاساسية التي نصت عليها شرائع حقوق الانسان المقرة من قبل هيئة الامم المتحدة افسح في المجال لحصول كوارث إنسانية كبيرة نشاهد جانبا منها في الأفلام المعروضة اليوم في هذه الفعالية السنوية
3- اللاجئون الصحفيون والفنانون يطمحون ان يكونوا سفراء امام العالم لشرح ونصرة القضايا الانسانية التي كانوا ضحايا لها؛ اذ اقتلعتهم الظروف القاسية من بيئتهم وموطنهم وجاؤوا الى ارض اللجوء الجديدة ، والبعض منهم كانت فرصهم افضل حين تمكنوا من القدوم الى بلدان ديمقراطية تحترم حقوق الانسان كفرنسا
4- استقبلني بيت الصحافيين في باريس بعد ايام من قدومي الى فرنسا مع بداية عام 2012 وسبق ان استقبل ويستقبل غيري من الصحافيين والنشطاء الإعلاميين السوريين وغيرهم ، ولا يزال يقدم كما قدم مشكورا خدمات مهمة خاصة في مرحلة اللجوء الأولى الى فرنسا .الا ان قدرته الاستيعابية بقيت محدودة
5- بسبب نشاطي الاعلامي والسياسي الذي مارسته في بداية الانتفاضة الشعبية السورية من اجل الحرية والكرامة منذ آذار -مارس 2011 في دمشق من خلال الحديث مع المحطات الفضائية والإذاعات العربية والدولية للمساهمة في نقل وقائع الأحداث ، وإبداء الرأي واختراق التعتيم الإعلامي الشديد الممارس من السلطة الدكتاتورية السورية وفضح جرائمها المرتكبة بحق المتظاهرين السلميين من قتل واعتقال ..وبسبب تأكيدي على ضرورة اعتماد حل سياسي جذري في مواجهة الأزمة السياسية والوطنية التي تسبب بها نهج النظام السوري خلال أربعين عام من حكم الاسدين الأب والابن ..هذا الحل السياسي الجذري يحترم إرادة الشعب وينقل البلاد تدريجيا من نظام الحكم الشمولي الى نظام وطني ديمقراطي تعددي يقر بالحريات العامة ويعتمد مفهوم الدولة المدنية الحديثة ويحترم حقوق الانسان ومبادئ العدالة الاجتماعية..تعرضت كغيري من النشطاء الى الملاحقة ثم الاعتقال الذي استمر خمسة شهور أعقبه بعد أسابيع قليلة تعقب وملاحقة من جديد مما اضطرني للمغادرة لمتابعة نشاطي خارج البلاد، ووجدت نفسي في وضعية اللجوء التي لم يخطر، يوما ما، في بالي هذه الحالة
6- ان تعنت السلطة الأسدية ذات التاريخ الفاشي (مثال أعوام 1980-1982) ودعمها غير المحدود من قبل حلفائها الإقليميين والدوليين واقدامها على زج الجيش والميليشيات بوجه مئات ألوف المتظاهرين في معظم المدن والبلدات السورية ، وممارسة العنف المفرط تحت شعار (الاسد او نحرق البلد) امام الحركة السلمية التي استمرت بسلميتها بما لا يقل عن ستة اشهر – باعتراف بشار الاسد -والتي راح ضحيتها مايقارب عشرة آلاف شاب بصدورهم العارية ، وكذلك خذلان المجتمع الدولي لنجدة وحماية ثورة الشعب السوري الحضارية بوجه العسف والطغيان ..دفع الأوضاع في سوريا الى مستوى من العسكرة والتدويل ..، ومع استقدام السلطة الأسدية مليشيات لبنانية(حزب الله) وعراقية(ابو الفضل العباس) بإشراف وقيادة الحرس الثوري الإيراني زادت الامور تعقيدا وخلقت مجالا خصبا للتطرف والأصولية وانتشار الظاهرة « الجهادية » ..وها نحن نشهد المفاعيل الخطيرة على سكان الإقليم مشابهة (العراق، لبنان..) والتي أدت مع أسباب اخرى الى مزيد من الدمار والنزوح ومئات ألوف اللاجئين الجدد . ولازال الشعب السوري يكافح رغم كل الأوضاع الكارثية التي لحقت به في سبيل نيل حريته وإقامة دولته الديمقراطية المعبرة عن إرادته بعيدا عن كل مظاهر التطرف
تحية مرة اخرى لحضوركم وحسن استماعكم
مازن عدي
20/06/3014 باريس