انتصار السوريين في درعا – أيمن الصفدي
انتصار السوريين في درعا – أيمن الصفدي
من درعا انطلقت الثورة السورية رفضاً لبطش الأسد. وفيها يتبلور أوّل نصرٍ حقيقيٍ للشعب السوري عبر تضحيات معارضةٍ هي في أكثريتها قوىً سوريةً وطنيةً تحمل طموحات السوريين في وطنٍ حرٍّ لا مكان فيه لقمع البعث أو عدمية الإرهاب.
هزيمة النظام السوري في درعا ليست كهزائمه في الشمال. هناك سقطت الرقة ثم إدلب في أيدي إرهابيي داعش والنصرة. لذلك لم تكن الهزيمة نصراً للشعب السوري. فالإرهابيون يسيرون على نهج النظام في قتل الأبرياء وترويعهم وفرض ظلاميتهم عليهم.
الحال مختلفةٌ في درعا. المقاتلون من الشعب ويقاتلون من أجله. نضالهم سوريٌ وطنيٌ يستهدف إنهاء حكم الأسد من أجل بناء سورية. أمّا في الشمال فعصابات داعش والنصرة تدمّر سورية من أجل إسقاط الأسد لأخذ محله في البطش بالشعب.
صحيحٌ أنّ النصرة موجودةٌ في الجنوب. لكن حضورها محدودٌ وسيتلاشى حين تتمكّن القوى الوطنية بشكلٍ أكبر وتُطهّر المنطقة من كتائب الموت الأسدية.
فالثابت أنّ داعش والنصرة وغيرهما من عصابات الإرهاب انتشروا في الشمال لأنّ اللاعبين الإقليميين الفاعلين هناك دعموهم. الثابت أيضاً أنّ عمق الجنوب الإقليمي يرفض القوى الإرهابية، ويحرص على أن تكون سورية للقوى الوطنية السورية القادرة على إنقاذها. كان الجنوب بيئةً طاردةً للإرهاب قبل أن تتطور معارضته الوطنية قوةً عسكريةً منظمة. وبالتأكيد سيكون عصياً عليها بعد أن صارت هذه المعارضة القوة الأكبر على الأرض.
بعد أربع سنوات من الحرب، يمكن أن يصير الجنوب بداية قصة الفرج التي انتظرها السوريون طويلاً. لكنّ اكتمال هذه القصة يتطلّب أن تُسهم محافظة السويداء في كتابتها. وذاك دورٌ لا يجوز أن تتأخر السويداء في القيام به أكثر.
فالسويداء عانت كما كلّ المحافظات السورية من بطش النظام وقمعه. أفقرها وسجن أحرارها وهمّش زعاماتها التاريخية ومنع أهلها حتّى من الاحتفال بذكرى ثورتهم ضد المستعمر الفرنسي. لذلك جاء انقسامها بين معارضةٍ نخبويةٍ وحيادٍ وموالاةٍ للنظام صادماً لكل من يتابع المشهد السوري.
تستطيع السويداء أن تتحرر اليوم من سطوة النظام وأزلامه المتمثلين في بعض قياداتٍ روحيةٍ فرضها لتدور في فلكه وشبيحةٍ يأتمرون بأمره. ويكون هذا بالانضمام إلى الثورة بالزخم الكافي لطرد بقايا البعث من جبل العرب بالتنسيق مع المعارضة الوطنية في درعا.
الفرصة الآن متاحة. النظام يتراجع أمام تقدّم قوى الجبهة الجنوبية التي أكدت أخوّتها مع أهل السويداء واحترامها تاريخهما المشترك واحتضان السويداء لأبنائها الذين شرّدهم النظام. وفي السويداء ينمو حضور قياداتٍ جديدةٍ باتت مقتنعةً بزيف ادعاءات الأسد أن بديله إرهاب سيستهدفهم. ويزداد علواّ صوت المعارضة التي قمعها النظام بسطوته وعبر أدواته التي منحها السلاح والمال بعد أن صارت السويداء على مفترق سيحدد مصيرها
الخطوة المنطقية التالية هي أن تُنسّق هذه القيادات موقفها مع ثوار درعا ليصل أبناء الوطن الواحد إلى توافق يحرر بموجبه أهل السويداء جبلهم من النظام بأنفسهم، وتتوحد الجبهة الجنوبية في مواجهة الأسد والإرهاب
وبتوحد الجبهة الجنوبية جبلاً وسهلاً ينهزم النظام القمعي وتندحر قوى الإرهاب التي هوّل الأسد من خطرها على السويداء. وبذلك أيضاً تفشل محاولات النظام زرع الفتنة والعداء بين السويداء ودرعا إشباعاً لغريزته الانتقامية ضد من لا يستسلم لقمعه وسطوته
فتاريخ الجبل والسهل سجلٌّ من العيش والنضال الوطني المشتركين. أمّا تاريخ النظام الأسدي مع درعا والسويداء فهو متواليةٌ مظلمةٌ من البطش والقتل والتهميش. التاريخ والمستقبل يفرضان أن تقف المنطقتان معاً ضدّ نظامٍ سرق حقهما في العيش بكرامة وأمن
وكما توحّد أهل السويداء ودرعا في « المسيفرة » ضدّ المستعمر الفرنسي ومن أجل وطنٍ حرٍ لكلّ أبنائه، يجب أن يتوحدّوا اليوم في معركة « الثعلة » ضدّ القمع الأسدي، ومن أجل سورية حرة يعيدون وكل السوريين بناءها واستعادة أمنها واستقرارها
Source :http://www.alghad.com/articles/876188-انتصار-السوريين-في-درعا