بسمة قضماني – كى تبقى الثورة السورية فى يد قواها الشرعية
قد تضطر المعارضة الوطنية التى بدأت تتنظم فى الداخل إلى بذل طاقة متزايدة للتصدى للتدخلات الخارجية وللتبرّؤ من تهم التعامل مع هذه الجهة أو تلك. فتارة تضطر إلى إصدار بيان لتنفى إشاعات تدور هنا وهناك أو إلى الاتصال بصحفيين لمساءلتهم عن مصادر معلوماتهم وتكذيب أخبار بأن المعارضة اجتمعت بالسفير الفلانى، ذلك لأن النظام يتهمها بالعمالة وبتطبيق أجندة أمريكية أو أوروبية. وتارة تجد نفسها متهمة من قبل اطراف معارضة أخرى تشكك فى نياتها وتقول إنها تنسق مع جهات فى السلطة وإنها اجتمعت مع المسئول الفلانى وإنها مستعدة للتفاوض معها من أجل قطف ثمار الثورة.
فى الأيام الأخيرة رأينا الولايات المتحدة تتراجع فى موقفها فبعد أن لوح الرئيس اوباما ووزيرة الخارجية كلينتون بوضوح أن على النظام السورى أن يقود عملية الإصلاح الجذرى أو أن يرحل أصبح الخطاب الأمريكى أكثر غوغائية يطالب السلطة بالإصلاح وإلا فإنها قد تواجه مزيدا من المعارضة. ويبدو أن واشنطن تعيد حساباتها على أساس أن الغرب غير مستعد للتدخل العسكرى وغير قادر على التأثير فى النظام السورى بشكل حاسم من خلال وسائل أخرى كالعقوبات والتلويح بمقاضاة اعضاء فى النظام لذلك أصبحت الإدارة الأمريكية تدعو المعارضة إلى التفاوض مع النظام.
فى هذا الوقت تجد المعارضة نفسها مضطرة إلى التصدى لمبادرة أخرى خطيرة الأبعاد يقوم فيها برنار هنرى ليفى فى فرنسا، حيث دعا هذا الكاتب و«الفيلسوف» المشهور بولائه لإسرائيل إلى ندوة فى باريس يوم الاثنين المقبل وأقنع أطرافا من المعارضة السورية فى الخارج بالحضور إلى باريس مما أعطاه المجال لتقديم الندوة على أنها امتداد لمؤتمر أنطاليا للمعارضة السورية. ويأمل ليفى أن تحضر الندوة مجموعة من الشخصيات السياسية الفرنسية والمثقفين من اليسار واليمين وأن تحظى بتغطية إعلامية واسعة لأن الفيلسوف الذى يتطفل الآن على القضية السورية يتمتع بنفوذ واسع فى الأوساط الإعلامية والسياسية وهو نفسه الذى ذهب إلى بنغازى ليعود ويقنع الرئيس ساركوزى بضرورة التدخل العسكرى فى ليبيا ثم انتظر اسابيع قليلة وأعلن انه كان قد أخذ وعدا من المجلس الانتقالى الليبى بأنه قد يقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل فور توليه السلطة. وهو معروف بتعاطفه الانتقائى مع حقوق الإنسان فى العالم حيث لم نسمع منه يوما تعليقا على جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين.
أمام كل هذه المعمعة واللغط والتهم تضيع الشخصيات الصادقة والمبادرات النزيهة فيجدد النظام آماله ويزيد من شراسته فى التعامل مع الثوار.
يبدو أن الطريق الآمن الوحيد للمعارضة السورية فى الوقت الحالى هو العودة إلى دعم التنسيقات بكل الوسائل وخصوصا بتزويدها بالقدرات السياسية فى صياغة مواقفها وبياناتها وتوصيل رسالتها إلى الخارج كونها هى منبع شرعية أى مبادرة سياسية والوحيدة القادرة على خلق وضع جديد على الأرض يضطر النظام والأطراف الخارجيةالمختلفة إلى التعامل معه.
Source : Shorouk News
Date : 3/7/2011
http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=494718