بشار عيسى للرأي العربي: حينما صرخ الكردي بالدم و بالروح نفديك يا درعا انتهت الحدود بين أبناء الشعب السوري …. الجزء الثاني
تحدث السيد حسن نصر الله عن النظام السوري بكونه النظام الوحيد الممانع و المقاوم في المنطقة ما تعليقك؟ و كيف تفسر موقف الحزب و هو الذي يعتمر على العمق الشعبي في فلسفته؟
انتهى العمق الشعبي لنصر الله و لحزب نصر الله، حين صرخ نصر الله و جماعته يا لثارات الحسين، ممن يثأر السيد نصر الله لدم الحسين! أمن الأمويين و قد قضى عليهم العباسيون؟ أمن آل البيت و قد قضى عليهم أيضا العباسيون؟ من العباسيين و قد قضى عليهم التتار و فيما بعد الأتراك. ممن يثأر منك أم مني! و ما دم الحسين على ثيابنا. من هذا السني أو ذاك! و هل يصح لمن يثأر لدم الحسين و لم يكن في أيام الحسين سني أو شيعي. هذه فتنة سخرها نصر الله، و أكن كل التقدير و الاحترام لشهداء مقاومته، و لكنه سخرها لخدمة النظاميين الإيراني و السوري أكثر نظامين فاجرين في العالم، النظام الإيراني يقتل شيعته العرب و يقتل كرده المسلمين و يقتل رفاق الخميني و أبناء و أحفاد الخميني فأي نظام هذا! إنه نظام السافاك، نصر الله استطاع أن يثير المخيلة الشعبية بأنه يقاوم إسرائيل، و إسرائيل أعطته نصر 2002، و هي التي صنعت منه منتصرا مثلما صنعت من حماس منتصرة، و أضعفت عرفات. نصر الله اليوم يدخل معركة النظام السوري مثلما دخل معركة الأمريكان ضد الشعب العراقي، نصر الله و التنظيمات الشيعية في العراق الحليفة لإيران أتت بالدبابة الأمريكية و دمرت العراق، و نصر الله وقف معهم، و للذين كانوا يقاومون أمريكا في العراق كان نصر الله يدينهم، و نصر الله بلسان الخداع تضامن مع الشعب التونسي و المصري و اليمني و الليبي، هو يدين الشعب السوري الذي يقتل بأسلحته و بأسلحة حلفائه. نصر الله أهدر دماء شبابه بنفاقه السياسي، ليته لم يفعل.
كيف تفسر موقف الجامعة العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي و تجاهلهما لما يجري في سوريا؟
موقف الجامعة العربية مفهوم لأنها منظومة تابعة اليوم للدول الممولة لها و هذه الدول ترتعب من كلمة ثورة و ترتعب من الديمقراطية و ترتعب من انتفاضة شعب و أولهم وعلى رأسهم السعودية للأسف، و هم محقون عندما يرتعبوا لأنه بعد سقوط السلطة السورية ستنتقل الثورة إلى إيران و سيسقط الشعب الإيراني هذا النظام السافاكي الملالي، و بعدها ستنتقل الثورة إلى السعودية و ستسقط هذه الأسرة المالكة، و بعد السعودية ستسقط دولة إسرائيل، و أنا لا أحكي أوهام و لا أحكي خيالات، لم تعد شعوب هذه المنطقة قادرة على أن تقبل، هذا الجيل الشاب الواعي الذي يمتلك ثقافة أرقى شباب أوربا، لن يقبل أبدا أن يقوده إمعات هذه الأمم سواء كانوا يهودا أم مسلمين، عربا أم إسرائيليين أم أتراك أم إيرانيين.
هل يكفي تحقيق مفهوم المواطنة و الاعتراف باللغة و الثقافة و الخصوصية الكردية كحل لهذه القضية المستعصية
يسألني الكثير من الأصدقاء الأكراد و من السياسيين و من المثقفين: ما الضمانة أن يعترف العربي المنتصر بالحق الكردي؟ أقول لهم مقولة بدأت مع العشيرة العربية و تبناها محمد رسول الله أن من يغزو له نصيب من الغزو، و من يقعد لا نصيب له. الشعب الكردي اليوم و لم يتأخر لحظة عن المشاركة بهذه الثورة، و كلما شارك و بقوة أكبر و بسيطرة ميدانية أكبر و بروحية مواطنية أكبر، كلما كان حقه من الغنيمة أكبر، لا تعني الغنيمة التقاسم و إنما تعني المشاركة في بناء هذا الوطن، هذا الفضاء الذي لم يختلف حولة لا ابن درعا و لا ابن عامودة، يتفق حوله الجميع. مواطنة سورية واضحة و صريحة تعلي قيم الجمهورية بدستور واضح و صريح يحفظ لكل مكونات سوريا 100% من حقوقها في سوريا، ليس بنسب أقلية و أكثرية، إثنية كانت أم دينية. الذي يشارك بهذه الثورة و بهذا التغيير هو الذي سيبني سوريا، سوريا ستكون على شاكلة انتصارنا، على شاكلة ثورتنا و على شاكلة مساهمتنا، سوريا حديثة و عصرية و جمهورية بقيم واضحة تحفظ للكردي حضوره مثلما تحفظ للعربي كشعب حضوره بالدستور و القوانين، تحفظ للكردي حقوقه بأرضه و لغته و قراه و مدنه و لكنها مدن سورية، كما ستحفظ للعربي حقه في مدنه و قراه و لغته و للمسيحي في تراثه و إرثه و تقاليده وعاداته. هذه هي المواطنة التي يصنعها اليوم شباب الثورة، حينما صرح العربي قبل الكردي (آزادي) و حينما صرخ الكردي بالدم و بالروح نفديك يا درعا انتهت الحدود و انتهت الافضليات و انتهت الاولويات، المعارك و الدم يوحد، الثقافة توحد. و لكن الانغلاق على الذات و الشعارات العقائدية التي قال عنها ابن دير الزور ياسين الحافظ في رسالة له إلى أكرم حوراني: ” ليتكم جعلتم من الشعوب العربية وقودا لتحرير فلسطين، و لكنكم جعلتم من فلسطين وقودا لحرق الشعوب العربية”. اليوم الشعب السوري يعمل على استنبات سوريا الوطن و ليس سوريا السندوتشا و ليس سوريا الراية التي لا قيمة لها و لا معنى و ليست النشيد المدرسي. اترك هذا الجيل سيبني وطنا لأبنائه، يا ليت جيلي يترك هؤلاء الشباب يعلموننا لأن الرؤية السياسية هي التي قدمتها اللجان المحلية للتنسيقيات الثورية، هي أنضج رؤية سياسية قدمت إلى اليوم من قبل المعارضة، و نحن في الهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية تخلينا عن رؤيتنا لأننا رأيناها دون هذه الرؤية عصرية و جذرية و ديمقراطية و أعلنا تبنينا للرؤية السياسية للتنسيقيات. اليوم نطلب فقط شيئا واحدا أن تتوحد هذه التنسيقيات، ليس هيكليا و لكن تتوحد بالناطق الإعلامي، بالناطقيين الإعلاميين، لعدم الانقسام حول الشكليات، لأنهم بهذه الطريقة قادرين على توحيد هياكل المعارضة المتهالكة، و إعطاء الثقة و دفعة أكبر للشارع الوطني السوري، للمترددين، كثير من المترددين هم شياطين لأنهم أتباع النظام، و لكن الغالبية العظمى من المترددين يريدون أن تطمئن قلوبهم. هذه التنسيقيات هم اللذين سيوجهون الكلمة التي ستطمئن القلوب ألا خوف على سوريا. أيضا الكوادر السورية و دعوتها البارحة في ندوة في باريس، على الكوادر السورية من مختلف الاختصاصات أن يبدؤوا بندوات و لقاءات و طرح أوراق عمل. علينا من اليوم أن نفكر كيف سنبني سوريا، أي سوريا سنبني، هذا الدمار الذي أنزلته سلطة حافظ الأسد و أبنائه في الاقتصاد و في المدرسة الوطنية و في المفاهيم الشعبية و في الأخلاق و في البيئة وفي العلاقات المدنية و في ترييف المدن و تصحير الريف. هذه المهمة تتطلب العمل من اليوم، و علينا أن نقدم المشروة الممكنة حقوقيا و دستوريا و قانونيا، لا يكفي أن نقول سنستورد الدستور السويسري و هو كافي، لا ليس صحيحا، سوريا أغني من سويسرا. سوريا بلد متعدد و الدمار فيه كبير و مذهل، أكثر من الدمار الذي لحق أوربا بعد الحرب العالمية الثانية، هذه المهمة الوطنية تساعد هذه الثورة لكي تتقدم، و ليشعر الشعب و ليس المترددين أن كل سوري هو بديل عن سلطة بشار الأسد. المسيحيون خائفون ماذا سيحدث لنا إذا أتى المسلمون؟ و الأكراد خائفون ماذا سيحدث لنا إذا أتى العروبيون؟ و العلويون خائفون ماذا سيحدث لنا إذا أتى الإسلاميون؟ علينا أن نبرهن لهم أن سوريا لن تحكمها فئة، سوريا متنوعة، لا الإسلاميون و لا العروبيون قادرون أن يغيروا وجهها، سابقا ألبست ثيابا بقوة العسكر و الانقلابات. علينا أن نبني دولة لن يكون فيها مجال لا للعسكر و لا للانقلابات. النظام الديمقراطي سينصف كل الناس و بالعدالة الانتقالية المجرم وحده سيحاسب على جريمته و ليس أهله و ليس ابنه و ليس زوجته. و أنا من الناس الذين يدعون ألا تقام محاكم وطنية لهؤلاء المجرمين، لأننا لا نريد أن نلوث قضائنا و محاكمنا في المستقبل بحضور هؤلاء المجرمين قتلة الشعب، و إنما نسلمهم لمحكمة الجزاء الدولية و أن يقضوا أعمارهم خلف القضبان. لن نحتاجهم في سجوننا، و سوريا لن تحتاج إلى سجون إلا لمن يقوم بمقاومة الثورة لاحقا. هذه هي رؤيتي و أتمنى أن تكون رؤية كل الشعب.
كفنان كيف ترى موقف بعض الفنانين من الثورة؟
أنا أفهم أن بعض المستفيدين من هذه السلطة و المستفيدين من الفساد و من الملايين التي تتدفق عليهم أن يقفوا مع النظام، لا يهم أن يقتل، هم وقفوا بالكلمة. ضعاف النفوس خائفون على المرابح اليومية، مثلما الكثير من التجار هربوا اموالهم إلى الخارج، مثلما هرب حزب الله مخازن أسلحته. دائما هنالك أناس متسلقون. أسفي كان أن هنالك الكثير من المثقفين السوريين الذين بقوا طويلا على مسافة من هذه السلطة، أدباء و شعراء و فنانين، حينما حضرت الثورة ابتعدوا و لم ينطقوا بكلمة حق، كان عليهم قبل الإسلاميون أن يتضامنوا مع شعبهم، و لكنهم ارتعبوا، فأساؤوا إلى سمعتهم. الشعب السوري سيسامحهم لأنه يعرف أنهم ضعاف النفوس، و لا تحمل وازرة وزر أخرى.
4 تموز 2011
يمكن الاطلاع على الجزء الاول من خلال الرابط التالي