بيان تأسيس « رابطة الصحفيين السوريين » المناصرين للثورة
عاش السوريون في ظل نظام استبدادي امني منذ استيلاء حزب البعث على السلطة عام 1963 ، وكان من ثمرة هذا النظام، أن تم تغييب الإعلام السوري بصورة شبه مطلقة، حيث أوقفت اغلب الصحف والمجلات وصودرت ممتلكاتها، وتم حرمان السوريين من الحق في الإعلام والمعرفة، وكان من ثمار تلك النقلة في حياة السوريين إلحاق اشد الأذى بالصحافيين والإعلاميين السوريين الذين وضعوا في واحد من ثلاث مسارات، إذ انكفأ بعضهم عن المهنة، وتم استبعاد بعضهم منها، وجرى تدجين آخرين واستيعابهم في مؤسسات الإعلام التعبوي للنظام الجديد، ممثلا ببعض صحف تعبوية – دعائية ونشرات محدودة، إضافة إلى الإذاعة والتلفزيون.
لقد عانى الصحفيون السوريون من واقع انقسام ما بين قليل منهم في المهاجر وكثير في الداخل. وحيث كان الكثيرون في الخارج يعيشون في ظل أوضاع طبيعية حياتياً ومهنياً، وينجحون بفعل الظروف الموضوعية المحيطة، كان اغلبهم في الداخل، يواجهون ظروفاً صعبة في حياتهم اليومية والمهنية نتيجة ظروف عامة في البلد المحكوم بقانون الطوارئ والأحكام العرفية، وبحكم مهنتهم التي لا تحظى باحترام واهتمام النظام، إضافة إلى واقع المؤسسات الإعلامية، التي لا تتوفر فيها المعايير الإدارية والمهنية المناسبة لرعاية وتطوير المهن الإعلامية والعاملين فيها.
لقد تم تهميش الصحفيين ومهنتهم في سوريا، وعندما التفت النظام نحو معالجة أوضاعهم المتردية، جرى تنظيمهم في إطار منظمة بيروقراطية باسم اتحاد الصحفيين أواسط السبعينات كان هدفها الرئيس ضبط العاملين في الإعلام وإخضاعهم لسيطرة وخدمة النظام الحاكم، وطوال عقود تم تولية فاسدين من مدراء المؤسسات واللصوص وعملاء الأجهزة على اتحاد الصحفيين، واستأثر هؤلاء بمزايا وأعطيات السلطات وسرقوا موارد الاتحاد.
يحظى اتحاد الصحفيين السوريين الرسمي، لحساسية دوره، بمزيد من الرقابة الأمنية بدءا من طريقة تعيين رئاسته وموظفيه وصولا إلى قبول العضوية فيه والتي تخضع لأسوأ أنواع البيروقراطية، ومن بعض صورها امتناع اتحاد الصحفيين عن إصدار بطاقات للصحفيين المشاركين فيه وحصر العضوية العاملة التي تتضمن انتفاع الصحفي بحقوقه بالعاملين في المؤسسات الحكومية.
لكن الأكثر سوءا في عمل الاتحاد هو انحيازه المطلق للقمع الذي يمارسه النظام ضد المظاهرات السلمية منذ بدايتها بل ومحاولة تبريره من خلال ظهور رئيس الاتحاد على الفضائيات والصمت عن منع الصحافة والإعلام المستقل من الوصول إلى مواقع الأحداث لتغطية الحقيقة، فضلا عن إهماله المتعمد لكل ما يتعرض له الصحفيون من إهانة وتعذيب واعتقال وقمع في حالات موثقة زادت عن المئتي حالة. وإلى لحظة صياغة هذا البيان لا يزال عدد من الصحفيين السوريين في غيابات السجون ومنهم الممنوع من السفر ومنهم من يتعرض للتهديد والأذى ومن هو مبعد عن وطنه قسريا خشية الاعتقال بينما يقتصر دور الاتحاد على أرشيف لمعلومات الصحفيين تستخدمه الأجهزة الأمنية لمزيد من التضييق عليهم.
وفي ظل هذا كله سجل الصحفيون السوريون عددا من الشهادات التي تصف حقيقة ما يجري في سوريا كما انسحب عدد منهم من اتحاد الصحفيين السوريين احتجاجا على انحيازه للنظام، وقدمت محاولات عدة لتشكيل هيئة تجمع شمل الصحفيين وتدافع عن حقوقهم حالت دونها أسباب أهمها ابتعاد كثير من الصحفيين عن سوريا، طوعا أو كراهية، وانشغال الكثير منهم بمتابعة الأحداث وتغطيتها أولا بأول.
إن واقع المهن الإعلامية وواقع اتحاد الصحفيين، واحتياجات الصحافيين والإعلاميين السوريين، تدفع نحو ولادة منظمة مهنية ونقابية، تضم العاملين في هذه المهن، وقد جاءت ثورة الحرية والكرامة التي فجرها السوريون في العام 2011 ، لتجعل من هذه المهمة ضرورة لابد منها في ضوء اصطفاف كثير من الصحافيين الإعلاميين في داخل البلاد وخارجها إلى جانب الثورة وانخراطهم في صفوفها وفعالياتها، والقيام بتغطية وتحليل ما يحيط بالثورة من معطيات وتطورات.
يأتي تأسيس الرابطة نتيجة تفاعل مع حراك الشعب السوري، وتعبيرا عن التضامن معه والمشاركة في الثورة ضد النظام الاستبدادي الأمني، كما أنها تعبير للانحياز إلى خيار المؤسسات المدنية التي قام نظام الاستبداد بتفريغها وتحويلها إلى مؤسسات بيروقراطية تابعة للأنظمة الأمنية.
واليوم تنتظم تلك المحاولات في عقد واحد يعلن فيه الصحفيون السوريون هيئة جديدة لهم باسم « رابطة الصحفيين السوريين « لتأخذ دورها المرجو منها وفق نظامها الداخلي.
ومع إعلانها وتشكيلها يوجه أعضاؤها الدعوة إلى كافة الصحفيين السوريين للانتساب إلى رابطتهم وأخذ دورهم فيها.
رابطة الصحفيين السوريين هي رابطة حرة عضويتها مفتوحة لكل الصحفيين السوريين ومن في حكمهم من مكتومي الهوية والفلسطينيين ممن ولدوا أو يقيمون في سوريا، وتضم الصحافيين داخل سوريا وفي المهاجر، آخذين بعين الاعتبار جملة الظروف السابقة التاريخية والراهنة وفي ظل الثورة. وقد قررنا نحن الموقعون إطلاق مبادرتنا في تأسيس « رابطة الصحفيين السوريين « على أساس الاعتبارات التالية:
تعتبر « رابطة الصحفيين السوريين « بمثابة تجمع ديمقراطي مستقل، ملتزم بمضامين ثورة السوريين من اجل الحرية والكرامة، ونزوعهم إلى إقامة دولة ديمقراطية تعددية، توفر العدالة والمساواة والحريات وحكم القانون لكل مواطنيها دون تمييز. والرابطة محكومة بهذا الإطار في اهتمامها وعملها وعلاقاتها الداخلية وفي علاقاتها الخارجية مع الهيئات الأخرى داخل سوريا وخارجها.
والرابطة منظمة مهنية ونقابية، مقرها الرئيس دمشق، ويمكن أن يكون لها فروع في أي بلد فيه تجمع من عشر أعضاء أو أكثر. الرابطة مفتوحة للعاملين في المهن الإعلامية المقروءة والمكتوبة والمسموعة وفي الصحافة الالكترونية في داخل سوريا وفي الخارج، وتقترن العضوية في الرابطة بوثيقة ممارسة مهنة من المؤسسات التي عمل فيها المرشحون، أو باقتراح من ثلاثة أعضاء مؤسسين للمرشح في المرحلة الانتقالية.
تأخذ الرابطة على عاتقها مهمة السعي نحو تنمية البيئة الإعلامية بالتعاون مع الأطراف الأخرى في الدولة المستقبلية والمجتمع من النواحي الدستورية والقانونية وفي ميدان الممارسة العملية من اجل حيز أوسع من الحريات للإعلام والجمهور، وتتعهد المساعدة والدعم لتطوير المؤسسات الصحفية والإعلامية العامة والخاصة في سوريا العاملة بالتوافق مع أهداف الشعب السوري من اجل الحرية والكرامة والدولة الديمقراطية.
تؤكد الرابطة على التعددية التي يقوم عليها المجتمع السوري وعلى ضرورة فتح المجال أمام مكوناته للتعبير عن ذواتها المبدعة، وتحتفي باللغات التي تستخدمها مكونات الشعب السوري كالعربية والكردية والآشورية والتركمانية وغيرها من لغات.
وقد وقع على بيان التأسيس أكثر من 100 كاتب صحافي وإعلامي سوري بينهم:
فايز سارة، أحمد حسو، بسام جعارة، سلمى كركوتلي، إياد شربجي، عامر مطر، حسين درويش، عمر الأسعد، غسان إبراهيم، إبراهيم اليوسف، غالية قباني، عمر إدلبي، إبراهيم الجبين، حسام الدين محمد، ميساء آقبيق، أحمد كامل، وائل التميمي، عالية منصور، محمود الزيبق، لافا خالد، خولة حسن الحديد، غسان المفلح، مسعود عكو، كندة قنبر، إسلام أبو شكير، عروبة بركات، نسرين طرابلسي، ماهر شرف الدين، محمد فتوح، إبراهيم مرعي، حفيظ عبد الرحمن، فدوى كيلاني، مؤيد سكيف، عبد الله المكسور، مالك أبو خير، محمود الكيلاني، رفعت أبو عساف، كريم العفنان، محي الدين عيسو، ليلى الصفدي، سمير مطر، خلود حدق، زينة رحيم، عامر داوود، عدنان فرزات، نارت عبد الكريم، حسان عزت، عماد خورشيد، زينة البيطار، عمار المصارع، سهيل نظام الدين. باسل أبو حمدة، فاتن الحمودي، احمد دعدوش، عقبة الأحمد.
المصدر: http://syrianswa.org/ar/article/2012/02/بيان-تأسيس-رابطة-الصحفيين-السوريين-المناصرين-للثورة