بيان « ضد العنصرية » في لبنان – فداء يونس
منذ بدايات الأزمة في سوريا واضطرار عدد من السكان للهروب إلى دول الجوار كلاجئين, كان مفاجئا تعامل بعض الأنظمة العربية معهم وبشكل خاص في دولة لبنان, حيث تمّ إعادة بعضهم إلى سوريا بشكل مخالف لاتفاقية حقوق الإنسان الناظمة لهذا الموضوع, ومخالف لكل الأعراف الدولية والانسانية التي تفترض حماية اللاجئين وعدم إعادتهم إلى الأماكن التي تشكل خطراً على حياتهم.
وجاءت ذروة الاستهانة باللاجئين السورين والتحريض ضدهم في المؤتمر الصحفي للوزير في الحكومة اللبنانية حبران باسيل, حين رفض تحويل لبنان إلى مكب نفايات لدول الجوار, في إشارة منه إلى قضية اللاجئين السوريين, مطالباً حكومته بوقف استقبال المزيد منهم.
ومع أنه ليس التصريح الوحيد في هذا الصدد إلا أنه الأكثر وقاحة وبعدا عن القيم الانسانية, ويشكل في الوقت ذاته انتهاكا صريحا للمادة الرابعة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وخرقا لاتفاقية الامم المتحدة لعام ١٩٥١ الخاصة باللاجئين، والتي وقعت عليها الحكومة اللبنانية. كما يشكل إنكاراً لتاريخ من شهامة الشعب السوري الذي سبق واستقبل في بيوته وعلى أرضه مئآت الألوف من النازحين اللبنانيين طيلة الحرب الأهلية التي طالت كثيرا, وصولاً إلى حرب تموز التي هجرت عشرات الآلاف منهم أيضاً, هذا الشعب هو الذي احتضنهم في محنتهم, وقاسمهم لقمة الخبز ومدارس أبنائه, دون منة أو عنصرية.
كما نعرف أن هذا الموقف لا يمثل اللبنانيين جميعاً, فاللبنانيون الشرفاء هم الذين رحبوا في بيوتهم باللاجئين السوريين, وقاسموهم شظف العيش حين تنكرت الدولة اللبنانية لمسؤليتها تجاههم, اللبنانيون الشرفاء هم الذين استنكروا عنصرية الوزير باسيل وأمثاله, وعبروا عن أنفسهم في بيان « ضدّ العنصرية », هم هؤلاء المثقفون والإعلاميون الذين يمثلون جوهر الشعب اللبناني الأصيل بعيداً عن المزايدات السياسية والانتخابية, متمسّكين بمقدّمة الدستور اللبناني التي تلتزم بالإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يضمن استقبال اللاجئين من مناطق القتال.
وندد البيان بكل « المواقف العنصرية التي تستهدف السوريين والفلسطينيين وأي جماعة دينية او عرقية او طائفية أخرى بما هي كذلك، والصادرة عن مسؤولين رسميين لبنانيين او عن سياسيين يحتلون مواقع رئيسة في الحياة العامة في بلدنا. وندين أي تبعات او عواقب مادية قد تنجم عن الخطاب العنصري المسموم ونحمل أصحابه المسؤولية الجزائية المباشرة عن اي ضحيّة قد يسقط جراء تحريضهم ».
كما أشار البيان على خطورة هذا الطرح العنصري قصير النظر الذي يستعيد اجواء الحرب الأهلية المريرة في لبنان, كما يؤدي إلى الحاق الأذى بمصالح مئات الآلاف من اللبنانيين المقيمين والعاملين في الخارج.
ويضيف البيان أن هذا الطرح يشكل إساءة وتسخيفا لطرح هواجس الأقليّات ومخاوفها، مطالبين بضرورة توسيع رقعة التسامح في حياتنا العامّة، محملاً الدولة اللبنانية مسؤولية توفير الظروف اللازمة لحياة كريمة للاجئين في لبنان, بانتظار عودتهم الى بلادهم. كما طالب البيان هيئات المجتمع المدني
والمنظمات الحقوقية « الى البدء بإعداد ملف لطرحه امام القضاء المختص لملاحقة دعاة الحقن العنصري بتهم اثارة النعرات الطائفية وتهديد السلم الاهلي والاعتداء على امن الدولة ».
source : http://www.hurrriya.com/news/main.aspx?id=issueninteeneghittwo
date : 14/01/2013