تأخر نصر السوريين – مانيا الخطيب
يحكم حافظ الأسد من قبره سورية إلى اليوم – وكيله ابنه ديكتاتور الصدفة – بآلة القتل والدمار التي أسسها منذ أوائل الستينيات.
يقول المطلّعون، أن بناء الطبقة السميكة من الطفيليين حوله لضمان البقاء في الحكم – حتى خيل إليه أن هذا الوضع أبدي- سببه الأساسي منذ البداية هو أنه كما يليق بزعيم عصابة محترف، وثّقَ لمن هم في أكثر المواقع حساسية، جرائم وفظائع وسرقات، وفضائح أخلاقية وغيرها …
أفرغ « المسؤولين » والحزب الذي تسلق عليه، والمؤسسة العسكرية التي قفز من خلالها إلى كرسي الحكم، واقتصاد البلد، وجميع المنظمات والدوائر الحكومية من المحتوى الأخلاقي لهم بدءً من المدارس ووصولاً إلى أي مجال مهني بنقاباته المتعفنة عديمة الجدوى.
هذا إضافة إلى الأسلوب المعروف، بأن كل من يقدم على أي سلوك مناهض لآلة الحكم الرهيبة الحاقدة هذه، لا يعاقب وحده بل تعاقب عائلته، وكل المقربين منه، ويمتد العقاب في حالات كثيرة ليطال أجيال.
هذه الأسباب، ساهمت بأن السوريين فغروا أفواههم عجباً أنه رغم الفظائع والمجازر المرتكبة تجاه المدنيين السوريين العزل: لماذ لم ينشق المسؤولون والسفراء السوريون؟
يقول أحدهم للرد على هذا السؤال، أن من عمل في خدمة هذه الآلة الإجرامية بهذه الظروف، وفقد كرامته وكبرياءه، وصار جاهزاً لتلقي البصقة والصفعة من أي حثالة في أجهزة المخابرات ويمسحوها بجلودهم، ويستمروا في الحياة يمكن أن ينشق عن أمه، ولا ينشق عن النظام .. ولهذا كانت ولازالت المعركة مع نظام الأسد هي من أشرس المعارك وأقساها.
تأخر نصر السوريين رغم كل هذا الألم والوجع، وحرقة القلب، والثمن الفادح له فوائد وهذه بعضها،
– روح الثورة التي استقيظ في نفوس وأرواح السوريين والتي لن تنطفئ جذوتها بعد اليوم
– الثمن الباهظ العسير الدموي الذي دفعه الشعب السوري من شهداء، جرحى، معتقلين، مهجرين، مشردين، مفقودين إلى كل هذا الرعب … يجعل من المستحيل وسابع المستحيلات أن يقبل بعد اليوم بالذل والعبودية والقهر والتسلط والاستعباد والجور والاحتقار الذي عاش بظلهم لعقود.
– الثورة غربلت ونظفت وكنست وعرّت وأظهرت كل الحقائق التي حُرِص على إخفاؤها بعناية … أماطت اللثام عن وجوه الجميع ، وكشفت كل الأقنعة ..بدءً من أعداء الثورة المحليين، إلى الطابور الخامس، وصولاً إلى فك طلاسم المعادلات الاقليمية وخصوصاً أحجية حزب الله ومقاومته !! وصولاً إلى تركيبة مجلس الأمن والمجتمع الدولي العرجاء … لهذا فهي ثورة استثنائية بديعة مبدعة خلاقة
– الثورة قضت على أي امكانية لقيام الثورة المضادة، كما هي المحاولات الجارية في مصر حالياً لإجهاض الثورة الجميلة التي قام بها وأنجحها الشباب ويحاول استغلالها وقطف ثمارها الفلول وغيرهم.
من جهة لأن أي ما يمت بصلة للنظام أصبحاً مكشوفاً بشكل غير مسبوق وفي طريقه للإجتثاث النهائي .. ومن جهة أخرى بعض التشكيلات – حتى تلك التي تدعي دعمها للثورة- أسفرت عن وجه غير مقبول للشعب السوري … بمعنى أن الفرز العميق وشديد الوضوح الذي حصل يشكل ضمانة للحصول على نصر نهائي ومضمون لا عودة فيه إلى تنظيف الطبقات السميكة من العفن التي تركتها آلة الإجرام .. بل هي بصدد أن تُقحَط مرة واحدة ونهائية …
عديدة هي نتائج الثورة المجيدة، حتى قبل أن تحقق رحيل السلطة الفاسدة المجرمة عن كرسي الحكم
نحن الآن أمام سورية جديدة وأمام شعب ولد من رحم ثورة تعيد ترتيب ملامح التاريخ من جديد
مانيا الخطيب
6.6.2012