حزب الله على جبهة الجولان – منار الرشواني
في شباط (فبراير) 2010، لخص وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك أفيغدور ليبرمان، كل أسباب الهدوء والسلام اللذين تنعم بهما جبهة هضبة الجولان السورية المحتلة منذ العام 1973، إضافة إلى التزام نظام الأسد، أباً وابناً، بسياسة « ضبط النفس والاحتفاظ بحق الرد » (الذي لم يأت أبداً) على كل عدوان إسرائيلي على الأرض السورية، كان آخرها قبل أيام، وقيل إنه استهدف 40 موقعاً، واستمر ساعة ونصف الساعة، بدون رصاصة رد واحدة. ففي ذلك التاريخ، حذر ليبرمان الأسد من أن حرباً مع إسرائيل تعني أنه « لا أنت ولا عائلة الأسد ستبقى في السلطة ».
وليس هناك من يعرف أكثر من أمين عام حزب الله حسن نصرالله، أن عدم تحرير الجولان، وتجاهله حد النسيان، رغم مرور قرابة نصف قرن على احتلاله، لم يكن أبداً بسبب نقص الرجال والسلاح في سورية، بل هو فعلاً الحرص على استمرار (آل) الأسد في السلطة. وبالتالي، كيف يمكن فهم إعلان نصرالله (وليس الأسد!)، في خطابه أول من أمس، « فتح الباب للمقاومة الشعبية في جبهة الجولان المحتل »، والتي سيتولى حزب الله تقديم الدعم المادي والمعنوي لها لتحقيق هدف التحرير؟
التفسير الأول للإعلان هو أنه مجرد تحذير نهائي لإسرائيل من محاولة تكرار هجومها الأخير على دمشق، في وقت ينشغل فيه نظام الأسد بالإجهاز على الثورة السورية. إضافة إلى كونه تحذيراً قد يساهم في محاولة حزب الله استعادة مجده الضائع يوم كان مقاومة لإسرائيل، قبل تحوله إلى ميليشيا تقاتل ضد الشعب السوري.
لكن ما يضعف من هذا التفسير إعلان نصرالله في الخطاب ذاته تعهد نظام الأسد بتزويد حزب الله « بسلاح نوعي لم يحصل عليه من قبل »، وهو ما يمثل عدم اكتراث معلن بتجاوز الخط الأحمر الذي وضعته إسرائيل لعدم تدخلها في الأزمة السورية منذ اندلاعها؛ وليكون كلام نصرالله هنا أقرب إلى دعوة إسرائيل لمزيد من هذا التدخل، وبالتالي جدية في الرد السوري على أي عدوان إسرائيلي جديد، وصولاً ربما إلى فتح جبهة الجولان فعلاً.
لكن إذا صدقت هذه الجدية، فليس من معنى لذلك إلا أن نصرالله لم يعد يبالي أيضاً بمصير الأسد ومواصلة سلالته الإمساك بالسلطة في سورية؛ أي إن حكم الأسد قد انتهى فعلاً أو هو في طريقه إلى الزوال، ولم يعد من مجال لحزب الله سوى ترتيب أوضاع سورية استناداً إلى مصالحه التي هي جزء من مصالح إيران.
في ذات اليوم الذي ألقى فيه نصرالله خطابه الأخير، نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله قول الأسد لزوار التقوا به بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، إنه قرر إعطاء حزب الله « كل شيء »؛ فماذا عنى فعلاً بـ »كل شيء »؟ كل الأسلحة الممكنة فقط، أم كل سورية، قراراً وأرضاً؟ وهل قرر الأسد ذلك بإرادته وهو يعرف الثمن، أم أن ذلك قد فُرض عليه قسراً من حلفائه الذين صاروا سادة مصيره، مادياً وسياسياً، لاسيما أن الأسد لا يدلي بقراراته الاستراتيجية شخصياً أو حتى عبر مسؤول سوري، بل ينقلها عنه حسن نصرالله، وصحيفة حزب الله؟ والسؤال الأخير: ما معنى وتبعات ذلك إقليمياً، ولربما دولياً؟