دولة الأسد في الركبان – منار الرشواني
بعد ما يقرب من ست سنوات على اندلاع الثورة السورية، لا يمكن سوى الإقرار بـ »مبدئة » حلفاء بشار الأسد وشبيحته، في تأييد حربه ضد الشعب السوري، بل وحتى
الاحتفاء والاحتفال بها. علماً أن هذه « المبدئة » كانت توجب تغيير الذرائع والأكاذيب المبررة لها، علانية، بما في ذلك ما يُفترض -محض افتراض- أنها ذرائع/ أكاذيب مبدئية حاسمة بدورها. ضمن ذلك، مثلاً، انتهت ذرائع المقاومة والممانعة وتحرير فلسطين، لاسيما مع التدخل العسكري الروسي المباشر بتنسيق كامل مع إسرائيل، وصولاً إلى طلب التحالف مع الإدارة الأميركية اليمينية المقبلة بقيادة دونالد ترامب. فالذريعة الأحدث اليوم أن الأسد هو من سيبني، بمساعدة دولة الملالي والولي الفقيه، الدولة المدنية في سورية، والتي يبشرنا الإيرانيون والروس و »الشبيحة الديمقراطيون » بأنها ستكون لكل مواطنيها.
وهذه الذريعة الأحدث تستدعي حتماً العودة إلى المربع الأول مع انطلاق الثورة السورية، بتكرار أن الأسد، عبر روسيا وإيران، لا يمكن أن يستهدفوا المدنيين. فقصف المدارس والمستشفيات والأسواق إن لم يكن فبركة إعلامية (كما تمت فبركة بداية الثورة على الأسد « الديمقراطي المعادي لكل أشكال الفساد، والمنافح عن حقوق الإنسان! »)، فإن الضحايا المدنيين الكثر جداً لهذا القصف هم نتيجة اتخاذهم من قبل الإرهابيين (الذين يشملون كل معارضي الأسد، ولو كانوا ممن لا يحملون السلاح) دروعاً بشرية.
الآن، لنصدق هذه الذريعة. لكن السؤال: لماذا لا يقوم النظام « السوري »؛ الذي يُفترض أنه شرعي منتخب ديمقراطياً، ومشهود له بأنه نموذج في احترام حقوق الإنسان إقليمياً وعالمياً! بإغاثة عشرات آلاف المواطنين السوريين في مخيم الركبان على الحدود الأردنية؟
هل يبدو غريباً، لا سيما للشبيحة الديمقراطيين العروبيين جداً، أن المخاطبين بتخفيف مأساة نازحي/ لاجئي الركبان السوريين، يكادون يشملون العالم كله باستثناء النظام « السوري » وإيران وروسيا، المكلفين ببناء سورية الديمقراطية؟
أيضاً، وقبل فترة وجيزة، نُشر تقرير صحفي عن طلبة سوريين في بلدان الجوار السوري (أي ليسوا مقاتلين ومقاتلات) لم يتمكنوا من الاستفادة من منح جامعية قُدمت لهم، لأن السفارات « السورية »، وبشديد بساطة، بقيت تماطل في تصديق أوراقهم لأشهر، بحيث فقدوا فرصة الالتحاق بالجامعات.
وتظل القضية الأكثر شيوعاً وشهرة، بالتأكيد، هي جوازات السفر، التي منعها النظام « السوري » عن المواطنين خارج سورية لسنوات -مع أنهم ليسوا مقاتلين ومقاتلات أيضاً- ولم يقم بإصدارها إلا بسبب حاجته للأموال، وبتكلفة 400 دولار لجواز السفر الواحد. وفي حال استمرار المليشيات الإيرانية بالتقدم على الأرض، فإنه يتوقع العودة إلى منع إصدار جواز السفر للسوريين، كون ذلك يخدم مخطط إيران لتغيير ديمغرافيا سورية، باستبدال أهلها بشذاذ آفاق من كل بقاع الأرض.
طبعاً، لا يوجد أدنى شك في قدرة حلفاء الأسد وشبيحته على اختلاق كذبة جديدة لتبرير هذه الجرائم، وهم « المبدعون » في تبرير جرائم قتل السوريين على امتداد سنوات إن لم يكن عقوداً، في عهد الابن والأب. لكن بالرغم من ذلك، سيظل الركبان نموذجاً للدولة المدنية التي سيبنيها الأسد والولي الفقيه، وربما روسيا.