ذاكرة إبداعية للثورة السورية – راشد عيسى
الجمعة 01/11/2013, آخر تحديث 07:20 م
خيراً باتت للثورة السورية ذاكرتها الموثقة، فقد شهدت الشهور الأخيرة انطلاق الموقع الالكتروني « الذاكرة الإبداعية » باللغتين العربية والإنكليزية وهو مخصص لمتابعة وتوثيق كل أشكال التعبير عن الثورة السورية، وإعادة تصنيفها في أكثر من عشرين باباً مختلفاً، تبدأ من أغاني القاشوش وعبدالباسط الساروت مروراً بوثائقيات الثورة، ولا تنتهي بلافتات كفرنبل.
وقالت ماري حنا المشرفة على الموقع لـ »المدن » حول ضرورة « الذاكرة الإبداعية » أنه « رغم أن معظم الإنتاج الثقافي والفني للثورة يتاح في أماكن عدة على شبكة الإنترنت فور إنتاجه، إلاّ أنّ هذا الانتشار الكثيف والآنيّ إن لم يكن موثقاً في مكان واحد مخصص له، يجعل من الرجوع الى هذه الأعمال أمراً بالغ الصعوبة ». وأضافت حنا « للموقع أيضاً هدف تعزيز فعل هذه المقاومة الفنية السورية ومكانتها، ونشر رسالتها وأرشفتها والمساعدة على تسهيل التشبيك بين القائمين عليها سواء كانوا أفراداً أم مجموعات في ما بينها، وبينها وبين العالم الخارجي ».
ويبدو الموقع من أكثر الأعمال الاحترافية للثورة السورية، إذ يتميز على المستوى البصري بحضور بسيط ومتقن، ويلفت فيه الاهتمام بمختلف الفنون الشعبية، إذ تقول حنا « يعنى الموقع بالتعبير عن ثورة العاديين، الذين عبروا بكل أشكال التعبير المألوفة، البدائية والفطرية ». كذلك ترى حنا أن المشروع يعكس تبدّل « علاقة الإنسان السوري بنفسه ومحيطه، وانكسار الجدار الذي صبغ علاقته وثقافته بالخوف. هو في النهاية قطع مع كل أشكال التعبير عن هذه الثقافة قبل بدء الثورة، أشكال اللاتعبير، والصمت ».
ولا تغيب أعمال الفنانين عن « الذاكرة الإبداعية »، إذ نجد تلك الأعمال التي واكبت الثورة من « نحت وحفر ورسم وتصوير وخط وتصميم، وسواها لفنانين معروفين إلى جانب فنانين آخرين جدداً ظهروا على الساحة مع الثورة »، على ما تؤكد حنا، التي تشير إلى انقلاب الفنانين على أنفسهم مع بدء الثورة « عند لحظة الانفجار، انقلب عالم الفن والفنانين، شأنهم شأن كل فرد سوري، انقلبت علاقتهم بأنفسهم، وبمحيطهم. تغير كل فنهم، من مبهم، غامض، رمزي، كئيب وغريب في معظم تعبيراته، بعيد من الذائقة العامة، ولا يؤسس لعلاقة تعبيرية واضحة.. إلى فن في خدمة الناس »
وتضيف حنا « فجأة صار إنتاجاً عظيماً ونبيلاً. للمرة الأولى ربما صار أي سوري يقف أمام لوحة اسمها « عصابة مسلحة » أو « مقتل متظاهر »، فيعرف أنها عنه وعن واقعه، تأسست حالة تعبيرية عامة وخاصة، كلها تأخذ من الواقع وتعطيه »
ورداً على سؤال حول كيفية التعاطي مع فعالية ثقافية قد تجري في دمشق اليوم، كيف تصنفها، أجابت حنا: « موقع الذاكرة معنيّ برصد الإنتاج التعبيري الثوري، ما يعبّر عن رفض النظام ومطلب اسقاطه »
أما إلى من يتوجه الموقع، خصوصاً أنه أضاف نسخة انكليزية وأخرى فرنسية تنشر قريباً، فقالت: « الموقع هو أولاً لنا نحن، وثيقة، حيّز ضد النسيان، لكنه أيضاً لغيرنا، سواء من العرب أو العالم الذي ينبغي أن يعرف حقيقة ثورة الشعب السوري. فحين طغى الشكل العنفي كان كثر جاهزين لأن لا يروا غيره »
وتعترف حنا بأن عدد زوار الموقع ليس بالكبير نسبياً رغم أنه معروف للكثيرين، ذلك أن الموقع « يعتبر من المواقع الاختصاصية، ولا يخضع للمقاييس العامة ويجب النظر إليه على المدى الطويل ». وتختم بالقول: « إن جمهور الموقع صعب التحديد والتقدير، لأسباب مختلفة من بينها حال الانترنت في سوريا على سبيل المثال »
Source : http://almodon.com/Media/Articles/ذاكرة-ابداعية-للثورة-السورية