ردّ على مقال السيد فيصل القاسم حول الأقليات(1) – (2) د. ماريانا السليمان
إلى السيد فيصل القاسم
إذا كان شعب سوريا قد دفع دم أبنائه ثمنا للحرية فلكي يؤسس لدولة مدنية، دولة مواطنة يتساوى فيها الجميع أمام القانون و ليس لاستبدال حكم مافيوي بديكتاتورية الأغلبية طالما أنّ هذه الأخيرة ليست أغلبية سياسية على حساب مفهوم المشاركة بالوطن.
يا سيد فيصل مفهوم المواطنة هو مفهوم يقوم على المساواة بين المواطنين على اختلاف أعراقهم و طوائفهم و قومياتهم و بالتالي بأي منطق تتكلم عن مفهوم أغلبية و أقلية.
قلت أن مناصرة الأقليات لهذا النظام هي نوع من الانتهازية الساقطة الحقيرة مع تحفظي على طبيعة هذه الألفاظ التي تفتقر لأي مدلول سياسي لكن بالقياس ماذا اسمي مغازلتك بهذه العبارات لتيارات دينية بدأت تسطر وجودها على الساحة السياسية بدل وقوفك إلى جانب شعبك لبناء دولة مدنية حقيقية و بأي نوع من الانتهازية أستطيع وصف هذا الموقف.
قلت في المقال أنه في حال استمر موقف الأقليات على هذا النحو فلن يلوم أحد الأكثرية في أي بلد عربي فيما لو اتهمت الأقليات بأنها وقفت مع هذا النظام أو ذاك، هنا أريد أن أسالك أليست عبارتك تحريضا مبطنا لفئة من الشعب ضد فئة أخرى و هل نسيت الآلاف من الأقليات من الشباب اليساريين الذين قضوا سنوات من عمرهم في سجون النظام و الكثير منهم مات تحت التعذيب.
بماذا تفسر موقف بعض مرتزقة الأقلية و الأكثرية من أمثال بثينة شعبان و خالد عبود و طالب إبراهيم و البوطي و حسون و ناصر قنديل و غيرهم من أعضاء مجلس الشعب و المسؤولين الذين ينتمون لكل الفئات و قد انساقت وراء النظام
قلت انه عبر التاريخ قد تكفل الانتماء للجماعة التاريخية بالحقوق المدنية و الدينية و هل حقوق مجموعة من المواطنين منة تمنح من قبل مجموعة أخرى أم هو حق إنساني لأي شخص يعيش في دولة مواطنة حقيقية و هل من المنطق ان يكون الحصول على الحقوق المدنية و الدينية مشروط بالانتماء للجماعة هل نحن مجموعات قطيعية حتى نجبر على الانتماء لنحصل على حقوق مواطنة.
أما بالنسبة لوصفك أن الأقلية ترقص في الملاهي الليلية و جيرانهم من الأكثرية يذبحون بفاشية على يد النظام و من قال لك إننا جيران بل نحن إخوة نحن أبناء وطن واحد.
و بماذا تستطيع وصف المسرحية الكوميدية الهزلية التي تندرج تحت تسمية الكوميديا السوداء و التي قدمت على مسرح مجلس الشعب و هل أعضاء مجلس الشعب ينتمون بأكثريتهم للأقليات.
أو بماذا تسمي صمت معظم أهالي مدينة حلب و دمشق و هل تنتمي بمجملها للأقليات ثم أنت ألا تنتمي لهذه الأقليات أم أنك تعتبر نفسك ارقي من هذه الأقليات.
سيد فيصل سأشرح لك مفهوم الديمقراطية الذي تطور عبر التاريخ فقد بت اعتقد بأنك ما زلت نائما منذ عصر اليونان الذي اٌعدم فيه سقراط و من بعده أُدين غاليلو و اُحرق الكثير من العلماء على محرقة الحقيقة بحجة مخالفة الأكثرية يا سيد فيصل نعم الديمقراطية هي حكم الأغلبية بشرط احترام حقوق الأقليات و إلا تحولت إلى ديكتاتورية الأغلبية.
تساءلت في مقالك أين هم الحكماء الحقيقيون من الأقلية، ونقول لك ألم يملأ عينك نزار نيوف أو ميشيل كيلو أو جورج صبرا أو عارف دليلة او فاتح جاموس او عبد العزيز الخير، ام لم تحرك بك ساكن أغنية يا حيف لأبن بلدتك سميح شقير.
أليس كلامك دفعا لهذه الأقليات للخوف و الانضواء تحت جناح نظام استبدادي
ألا تخدم النظام بهذا المقال الذي أقل ما يقال عنه السم مدسوسا بالعسل
هل فقدت البوصلة أم غلب عليك الخوف كونك تنتمي لأقلية، أم بت تغازل أغلبية تعتقد أنها ستكون المسيطرة بعد سقوط النظام
سيد فيصل أنت لم تتحدث عن مفهوم وطن بل تحدثت عن تجمعات متجاورة متناحرة
نحن نريد بناء وطن نريد إزاحة الاستبداد و ليس استبداله بأخر و كم نحن بغنى عن أقلام تزرع الفرقة بين أبناء شعبنا أكثر مما يزرع النظام
نريد دولة مواطنة لا دولة مطبلين سواء لأكثرية أو لأقلية
أرجوك و أرجوك ألف مرة نحن بغنى ووطننا ينزف عن وضع الملح على الجرح أو صبّ الزيت على النار و لن أقول دس السم بالعسل فهذا الكلام هو سم صرف لا عسل فيه و لو مغشوش.